"چافتشيك": ظهر سليم بعلاج ذاتي
تعانون من أوجاع في الظهر؟ كلّ الحلول باءت بالفشل؟ ربّما تكونون أنتم أيضًا بحاجة لمعرفة طريقة "چافتشيك"، والتي استفاد منها آلاف المتعالجين حول العالم
"الجنون هو أن تفعل الشيء مرّة تلو الأخرى وتتوقع نتيجة مختلفة" - هذه المقولة الشهيرة لألبرت أينشطاين هي أحد الأسس الهامّة التي يعتمد عليها نير يوغيف، وهو من طوّر طريقة "چافتشيك" لعلاج أوجاع الظهر بطريقة ذاتيّة. بحسب ما يقول يوغيف، القناعة بأنّك الوحيد القادر على علاج نفسك هي أساس هذه الطريقة، وإدراك هذا الأمر فعلًا يمكّنك من إحداث تغيير حقيقي. طريقة العلاج الخاصة بيوغيف لاقت نجاحًا باهرًا لدى آلاف المتعالجين، لكنّ قصة يوغيف الشخصيّة هي التي جعلته يطوّر هذه الطريقة بعد أن "انهارت كلّ أعضاء جسمه" على حدّ قوله.
أدركت بأنّ تأثير الطريقة فوري. الصورة بتصرّف عن نير يوغيف.
الوجع الذي كان بمثابة نقطة تحوّل
منذ صغره، كان يوغيف رياضيًا. في العاشرة من عمره، كان عداءً لمسافات طويلة. في هذه السنوات، تعرّض لكسر في كاحله، وعانى لاحقًا من التواءات متكرّرة في المفاصل. في سنوات لاحقة، تعرّض لخلع الكتف 11 مرّة، من بينها مرّة خلال دورة الضباط، ومرّة أخرى خلال قفزة بانجي. عانى أيضًا من أوجاع شديدة في الركبتين.
في العشرينات من عمره، بدأ دراسة هندسة الحاسوب والبرمجيّات في معهد التخنيون، وكان يواظب على ممارسة الرياضة، الركض، السباحة، كرة الطائرة والفنون القتاليّة. خلال دراسته، بدأ العمل كرئيس طاقم في رفائيل، لكنّه بدأ يدرك رويدًا رويدًا أنّ المكان الذي يتواجد فيه هو ليس المكان الذي يرغب به، ليس على الصعيد المهني وليس على صعيد الحياة الزوجيّة وليس على الصعيد الشخصي والنفسي أيضًا.
نقطة التحوّل كانت في أحد تدريبات الفنون القتاليّة التي اجتازها: يقول يوغيف "قبل انتهاء التدريب بعشر دقائق، تدحرجت وشعرت "بطقطقة" في ظهري، لكن لم أعر الأمر اهتمامًا وتابعت. خلال لحظات معدودة، انتابني نفس الشعور - لكني هذه المرّة لم أستطع أن أتحرّك. شعرت بقدميّ، لكنّي كنت مرميًا على الفرشة. لم أستطع أن أحرّك قدميّ بتاتًا".
بعد أن نُقِل للمستشفى، تلقّى حقنتيّ فولتارين ولم تحسّنا من حالته، وكان طريح الفراش لمدّة أشهر دون قدرة على الحركة. حتى عندما بدأت حالته بالتحسّن، راودته مخاوف كثيرة من الأوجاع الأخرى، من فقدان التحكّم بالقدمين، من تأدية المهام اليوميّة التي لم يواجه أيّة مشكلة بتأديتها حتى الآن.
"كان من الصعب جدًا عليّ أن أتحرّك، في البداية استطعت الزحف فقط، كنت خائفًا من أيّ حركة، حتى أبسط الحركات. كلّ عطسة كانت مصحوبة بأوجاع شديدة جدًا. الأوجاع لم تقتصر على الظهر فقط، بل كانت تنتقل للقدمين أيضًا. شعرت بأنّي غير قادر على السيطرة على حياتي، وأدركت بأنّ جسمي عمليًا يعبّر عمّا تشعر به نفسي. أدركت انّي غير مستعدّ للاستمرار بالعيش بهذه الطريقة، وأنّي أريد أن أحدِث تغييرًا يعيدني قويًا ولا أخاف من هذا الوجع. ليس من منطلق نكران الوجع، بل من منطلق غدراك مسبّب الوجع".
قرّر يوغيف خوض مجال واحد يحبّه كثيرًا، وهو الفنون القتاليّة، ومن خلال هذا المجال قرّر أن يتطوّر وأن يبدأ من جديد. خطّط للسفر لغرض الدراسة لدى أستاذ من فرنسا لمدّة ثلاثة أشهر، وبقي هناك لأكثر من عام. هكذا تعرّف على الطبّ البديل، درس تيونا والوخز الصيني، بدأ بعلاج الناس وحقّق نتائج مذهلة، لكنّه لاحظ أنّ هناك نهجًا يعيد نفسه.
يوغيف: "بعد سنوات عديدة ساعدت فيها أشخاصًا كثيرين، أدركت أنّ العلاجات التي قدّمتها قد حقّقت نجاحًا كبيرًا في تخفيف الأوجاع، لكن طالما أنّ المتعالج يعتمد طيلة الوقت على معالِج آخر، لن تُحلّ المشكلة. عدت إلى البلاد مع حزام أسود في الآيكيدو، أسّست مدرستين في تل أبيب وخضت في نفس الوقت مجالين آخرين - اليوغا الساكنة وطريقة يميما - دراسة التفكير الإدراكي لتطوير النفس. الدمج بين هذه العوامل من تلك المجالات المختلفة جعلني أطوّر طريقتي الخاصة للعلاج، والتي أطلقت عليها اسم "چافتشيك - ظهر سليم بلحظة"، لأنّي أدركت أنّ تأثير هذه الطريقة فوري".
كيف تعمل طريقة "چافتشيك"؟
يوغيف: "الطريقة تدمج عوامل جسمانيّة من مجال الفنون القتاليّة واليوغا الساكنة، مع فهم التشابه بين الأوجاع الجسمانيّة والجانب الذهني - ما هو المسح الحسّي للصعوبات الذهنيّة التي نواجهها وأين تتواجد في جسمنا. المتعالِج نفسه هو من يقوم بالعلاج، في بيته، وينقسم العلاج على ثلاثة مستويات: العمل - مستوى الـ Quick Fix، الذي يهدف إلى تخفيف الأوجاع بشكل فوري؛ مستوى سلسلة العلاجات؛ والمستوى الاجتماعي".
يتابع يوغيف ويقول: "على ضوء الأوجاع الشديدة التي عانيت منها، وعدم تنازلي عن العمل الجسماني حتى أثناء الأوجاع، أدركت أمرين مهمّين: أوّلًا: في حالة الوجع لا يمكن القيام بأيّ شيء؛ ثانيًا، هناك تمارين تسبّب لي الأوجاع وهناك تمارين أخرى تخفّفها بشكل فوري. بالتالي، طوّرت خمس وضعيّات جسمانيّة مختلفة ومجموعة تمارين تتلاءم مع كلّ وضعيّة.
كلّ متعالِج يختار في المرحلة الأولى الوضعيّة التي يشعر فيها بأقلّ مستوى من الأوجاع. في هذه الوضعيّة، وخلال الأيام الثلاثة الأولى، يبدأ المتعالِج بممارسة تمارين الـ Quick Fix، وهي تمارين لمدّة دقيقة واحدة، يجب تكرارها مرّة كلّ ساعة لكي يعتاد المتعالِج عليها.
بعد ثلاثة أيّام، تبدأ مرحلة سلسلة العلاجات، وهي عيارة عن ربع ساعة من التمارين كلّ صباح ومساء، في الوضعيّة التي اختارها المتعالِج. خلال سلسلة العلاجات أيضًا، يستمرّ المتعالِج بممارسة تمارين الـ Quick Fix خلال اليوم.
في نفس الوقت، على المستوى الاجتماعي، ينضمّ المتعالِج إلى مجموعة سريّة على الفيسبوك تشمل معلومات طبيّة سريّة للغاية. بالإضافة إلى جلسة شخصيّة مع كلّ متعالِج، والتي يحصل فيها منّي على المسار الملائم له، أجري كلّ أحد مساء ندوة إلكترونيّة (webinar) عبر شبكة الإنترنت، يمكن ان يشترك فيها كلّ أعضاء المجموعة والحصول على تقييم جسماني وإرشاد ذهني أيضًا. بالإضافة إلى الدعم الذي أقدّمه لهم، يكتسب المتعالِجون القوّة والعزم من قصص وتجارب بعضهم البعض، ويدركون إلى أيّ مدى مشاكلهم مشتركة رغم اختلاف الأعراض. عمليًا، المشكلة تكمن بالطريقة الخاطئة التي نحرّك بها جسمنا ونؤدّي حركاتنا ومهامنا اليوميّة".
أيّ ردود تتلقّى من المتعالِجين؟
"يصرّح الكثير من المتعالجين حول العالم أنّ الأوجاع لديهم قد خفّت بشكل كبير، من مرحلة تمارين الـ Quick Fix، وأنّهم شعروا بتغيير كبير من الأسبوع الأوّل وأنّهم تعافوا بشكل كامل خلال بضعة أسابيع. لديّ قصص نجاح رائعة فعلًا، كقصة الرجل الذي يبلغ من العمر 73 عامًا والذي نهض عن الكرسي المتحرّك خلال شهر واحد، وعاد للركض بعد شهرين. وهناك قصّة عن طبيبة أعصاب كبيرة من الولايات المتّحدة، وهي تعالج أوجاع الظهر بنفسها، وخلال ستّة أشهر في البرنامج العلاجي ذهبت، بعد معاناة طويلة من أوجاع شديدة، لعطلة تزلّج في كاليفورنيا وقالت إنّها لن تلجأ مرّة أخرى إلى الحلول الطبيّة لأنّها بكلّ بساطة لا تحلّ المشكلة.
أعمل اليوم بالتعاون مع الأطبّاء، إذ يحوِّلون إليّ الكثير من المتعالِجين. بما أنّ البرنامج العلاجي يشمل مجموعة متنوّعة من الوضعيّات الجسمانيّة، كلّ متعالِج يتعلّم من جديد كيف يؤدّي المهام والحركات اليوميّة، وكيف يغيّر عادات الحركة التي تسبّب له الاوجاع".
كيف نحافظ على النتيجة التي نتوصّل إليها من البرنامج العلاجي؟
"بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من التمرّن على سلسلة العلاج - وهو الوقت المعدّل الذي يحتاجه المتعالِج لعلاج نفسه من خلال الوضعيّات الجسمانيّة الخمس - توجد أمام المتعالِجين بعض الإمكانيّات: الاستمرار لوحدهم في ممارسة التمارين العلاجيّة التي كانوا يمارسونها حتى الآن؛ أو الاستمرار في برنامج اجتماعي شهري يشمل المشاركة في مجموعة الفيسبوك والندوات الإلكترونيّة التي أقدّمها، او الانتقال لبرنامج علاج استكمالي وهو برنامج يهدف إلى تقوية المتعالج الذي قد تعافى من حيث الجانب الجسماني والذهني أيضًا. تجدر الإشارة إلى أنّه لا يوجد حالة متوازنة في الحياة، إلّا الموت. طالما نحن على قيد الحياة، فإمّا نتقدّم أو نتراجع. لذلك، يجب علينا الحرص على ممارسة العادات والتمارين التي تعلّمناها، كلّ منّا بحسب الطريقة الأنسب له".
هل البرنامج العلاجي ملائم لكلّ شخص يعاني من الأوجاع؟
"البرنامج العلاجي ملائم لمجموعة كبيرة من المشاكل: الأوجاع الشديدة في منطقة أسفل الظهر، والناجمة عن الازلاق الغضروفي، النتؤات أو الفتق؛ أوجاع الركبتين، الخصر، الكتفين والرقبة؛ الوجع العضلي الليفي؛ أوجاع العصب الوركي الشديدة؛ هشاشة العظام؛ الأوجاع في وسط الظهر؛ الاختلال العصبي؛ شدّ العضلات؛ الأوجاع في العصعص؛ الأوجاع في مفصل الفخذ وغيرها.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ البرنامج العلاجي لا يلائم كلّ متعالِج. أوّلًا، يجب على المتعالِج أن يكون قادرًا على الإحساس وكمش العضلات الأساسيّة الحلَقيّة. ثانيًا، فقط المتعالِج الذي يدرك أنّه هو الوحيد القادر على علاج نفسه وعلى استعداد لحمل المسؤولية، هو الذي يمكنه المشاركة في البرنامج العلاجي.
العلاج الذاتي غير ملائم للجميع. نحن معتادون على تناول الأدوية، الحقن والحلول السريعة المؤقّتة، اللجوء إلى علاج خارجي أو معالِج خارجي للتخلّص من الأوجاع، لكن من أجل حلّ مشكلة الأوجاع من جذورها، يجب علينا أن نفهم أنّنا نحن من نخلق لأنفسنا هذا "السجن" الذي نعيش بداخله، وباللحظة التي نتخلّص فيها من العادات التي اعتدنا عليها سابقًا ونكتسب عادات جديدة جسمانيّة، ذهنيّة وحسيّة - فقط عندما سنتمكّن من تحقيق العلاج الحقيقي".
نير يوغيف، مؤسّس طريقة "چافتشيك"، أستاذ ومدرّب كبير للفنون القتاليّة بطريقة الآيكيدو، مدرّب يوغا وباحث في مجال الجسم والنفس منذ أكثر من 20 عامًا.
موقع zap doctors.