قسطرة القلب ام جراحة القلب؟
يدور النقاش بين الاطباء حول العلاج المناسب لأمراض القلب التاجية: قسطرة القلب ام جراحة القلب (تحويل مجرى الشريان التاجي). لكل من الإمكانيات حسناتها وسيئاتها، وتستخدم كل منها تبعا لمعايير متفق عليها. فما هي طريقة العلاج الانسب؟
يدور الكثير من النقاش بين الاطباء حول اختيار قسطرة القلب او الجراحة (تحويل مجرى الشريان التاجي) لعلاج أمراض القلب التاجية وأمراض القلب الأخرى. لكل من الإمكانيات حسناتها وسيئاتها، وتستخدم كل منها تبعا لمعايير متفق عليها. من المعروف ان قسطرة القلب اشتهرت كعلاج لأمراض الاوعية التاجية في القلب، لكن العملية الجراحية تفضل في بعض الحالات. حالياً توجد توصيات باستخدام كل امكانية في حالات محددة، لكن الأمر قابل للتغيير تبعاً لتوجه الطبيب المعالج. كيف نختار العلاج المناسب وما هي حسنات وسيئات الوسائل؟
قسطرة القلب
قسطرة القلب هو اجراء يقوم به طبيب مختص بامراض القلب بادخال القسطار (Catheter)، وهو عبارة عن أنبوب دقيق، الى أحد الشرايين في الجسم، وغالباً ما يُدخل في أعلى الفخذ أو رسغ اليد. يتقدم القسطار ببطء داخل الجسم متجهاً نحو القلب، ولا يسبب الأمر أية ألم. عند وصول القلب للشرايين التاجية، التي تزود القلب بالدم، يتم حقن المادة المتباينة الى داخل القسطار، ومن ثم تصوير القلب بالأشعة السينية. تُظهر الصور الشرايين التاجية أثناء امتلائها بالمادة المتباينة. في حال وجود انسداد في الشرايين التاجية، يُمكن ملاحظة ذلك في صور الأشعة السينية. في حال وجود انسداد في الشرايين التاجية، غالباً ما يتم معالجتها فوراً، وذلك بواسطة ازالة صفائح التصلب العصيدي التي تؤدي للانسداد، بالقسطار. في مُعظم الحالات يتم ادخال دعامة الى مكان الانسداد، وهي قطعة معدنية صغيرة تحافظ على الشريان التاجي وتقي من انسدادها مرة أخرى.
خلال السنوات الماضية تحولت قسطرة القلب الى اجراء شائع الاستعمال ويقوم أطباء القلب بإجراء القسطرة عشرات المرات في الاسبوع الواحد في المراكز الطبية. تتميز قسطرة القلب بسهولة تنفيذها، لكنها بحاجة لتدريب كثيف ومهارة التنفيذ. يمكن القول ان قسطرة القلب احتلت مكان إمكانيات العلاج الاخرى لأمراض القلب التاجية، وغالبا ما يتم تنفيذها لمعظم المرضى. تعطي قسطرة القلب للطبيب القدرة على تشخيص المرض لذا فإنها وسيلة التشخيص الافضل لأمراض القلب التاجية. اضافة على ذلك فان القسطرة هي إمكانيات علاج لأمراض القلب التاجية، حيث يتم ادخال بالون او دعامة للشرايين التاجية المنسدة وبذلك يعود انسياب الدم لعضلة القلب. أفضلية آخرى للقسطرة هي سرعة تنفيذها لذا فهي العلاج الافضل في الحالات الحرجة التي تحتاج للعلاج الفوري، احتشاء القلب الحاد مثلا.
نضيف الى ذلك أفضلية القسطرة في قدرتها على تشخيص وعلاج أمراض أخرى في القلب عدا أمراض القلب التاجية. على سبيل المثال فان القسطرة تُستخدم لعلاج تضيق الصمام المترالي (Mitral Stenosis)، عبر توسيعه بواسطة بالون. تقنيات حديثة جعلت امكانية استبدال الصمام الأبهر خلال القسطرة أمراً ممكناً، كعلاج لتضيق الصمام الأبهر (Aortic Stenosis). أمراض اعتلال القلب يتم تشخيصها بالقسطرة وأحياناً هناك امكانيات علاج لبعض هذه الامراض كاعتلال عضلة القلب التضخمي (Hypertrophic Cardiomtopathy).
رغم ذلك فان قسطرة القلب اجراء لا يخلو من المخاطر والمضاعفات، حيث يجب التوقف عن تناول بعض الأدوية قبل اجرائها، وقد يؤدي التعرض للمواد المستخدمة في القسطرة لتفاعل أرجي. عدا عن ذلك فان مضاعفات القسطرة تشمل الانتفاخ في منطقة القسطار، التهاب الشريان والنزيف من احد الشرايين المصابة أثناء مرور القسطار بها. وأكثر من ذلك قد تسبب القسطرة مضاعفات نادرة كانسداد الشريان التاجي، تمزق الشرايين وضرر للكلى. حالياً مع تطور امكانيات القسطرة ووسائل الوقاية والحذر المتبعة فان هذه المضاعفات نادرة الحدوث.
العملية الجراحية
العملية الجراحية لعلاج أمراض القلب التاجية هي عملية مجازة الشرايين التاجية او ما تسمى بعملية تحويل مجرى الشريان التاجي (CABG- Coronary Artery Bypass Surgery). وتعتمد هذه العملية الجراحية على مبدأ مجازة الشرايين التاجية، وذلك بعد زرع أوعية دموية (شرايين أو أوردة) تجتاز مناطق الانسداد في الشرايين التاجية. بعدما كانت العملية الجراحية هي العلاج الأساسي لأمراض القلب التاجية، فانها اليوم تُجرى في حالات معينة فقط وذلك لتقدم تقنية القسطرة. تؤخذ أوعية دموية من اليد، الرجل أو من جدار الصدر وتُزرع في مجرى الشرايين التاجية بحيث تجتاز الانسداد وتُغذي القلب بالدم. طبعاً فان العملية الجراحية تبدأ بوصل الشخص لجهاز يستبدل القلب والرئتين، ومن ثم يتم فتح الصدر والكشف عن القلب وبعدها تُزرع مجازات الشرايين التاجية.
أثبتت العديد من الدراسات أن العملية الجراحية أكثر نجاعة من القسطرة في الحالات التالية:
· انسداد ثلاثة شرايين أو أكثر.
· انسداد عدة شرايين لدى مرضى السكري.
· تُجرى العملية أيضاً عند ضرورة اجراء المعالجة الجراحية القلبية لأمراض أخرى كتقلص الصمام الأبهر مثلاً.
في الحالات المذكورة فان توقعات سير المرض أفضل عند اجراء العملية الجراحية من اجراء القسطرة. لكن العملية الجراحية لا تخلو من المضاعفات ومن الأضرار. بما ان العملية الجراحية تشمل فتح الصدر وهي عملية ليست بسهلة وتستمر لعدة ساعات، فان المضاعفات التالية قد تحدث:
· التهاب او عدوى في الجرح الجراحي.
· تخثر الدم والانصمام الرئوي.
· اضطراب نظم القلب.
· التهاب عضلة القلب.
· التهاب التامور.
· ثقب القلب أو الرئة.
وغيرها من مضاعفات أخرى قد تشكل خطراً على حياة المريض. بالاضافة الى ذلك فان أمراض أخرى قد تؤثر على المريض خلال فترة العملية الجراحية. بعض المرضى يمرون بهذه الفترة بنجاح، والبعض الاخر قد يعاني من المضاعفات. رغم ذلك فان نسبة نجاح العملية مرتفعة في المراكز الطبية التي تجري العملية بانتظام، لذا فان اجراء العملية الجراحية في الحالات التي تتطلب ذلك هو أمر مهم وعلى المريض استشارة طبيبه قبل اتخاذ القرار.
عرضنا عليكم حسنات وسيئات امكانيات معالجة أمراض القلب التاجية، لكننا نشدد أن المذكور اعلاه يبقى ضمن المجال النظري. ننصح جميع مرضى القلب المعنيين بتلقي المعلومات الاضافية وتحديد طريقة العلاج المناسبة لهم بمتابعة طبيب القلب واستشارته. تذكروا أن حالة تختلف عن الأخرى، وانسان يختلف عن الاخر وتبعاً لذلك فان امكانية العلاج تختلف أيضاً. لذا ننصحكم باستشارة الطبيب دائماً قبل اتخاذ أية قرار.