فحص الزغابات المشيمية أم فحص السائل السلوي؟
تنتابكنّ حيرة أيّ فحص تخترنَ؟ كلّ ما يجب معرفته عن أهمّ فحصين لاكتشاف المشاكل الكروموزوميّة لدى الجنين - مع أو بدون رقاقة جينات (CMA). ما هي حسنات وسيّئات كلّ فحص؟ هل هناك فعلًا فحص دم يمكنها استبدال فحص السائل السلوي؟
يمكن اكتشاف المشاكل الكروموزوميّة لدى الجنين بواسطة فحوصات جينيّة أو فحوصات تشخيصيّة. الفحوصات الجينيّة المتوفّرة اليوم لاكتشاف المشاكل الكروموزوميّة لدى الجنين تتطرّق إلى متلازمة داون وإلى متلازمة تسمّى التثلّث الصبغي 18 (تريزومي) فقط، وهي لا تشخّص الحالة بشكل دقيق، بل تفحص إمكانيّة وجود إحدى هاتين المتلازمتين لدى الجنين.
هناك بعض الفحوصات الجينيّة التي تُجرى خلال الحمل: فحص الزلال الجنيني، ويسمّى أيضًا الاختبار الثلاثي - وهو فحص دم يُجرى في الأسبوع 16 حتى 18 من الحمل وحساسيّته (مدى نجاعة الفحص) لمتلازمة داون هي %65 تقريبًا؛ فحص الشفافيّة القفويّة، وهو فحص أمواج فوق صوتيّة يُجرى في الأسبوع 11 حتى 14 من الحمل ونسبة حساسيّته %75 تقريبًا؛ الدمج بين فحص الشفافيّة القفويّة وفحص الدم الجينيّ الكيميائي الحيوي في الثلث الأوّل من الحمل يزيد من نسبة حساسيّة الفحص إلى %84 تقريبًا، والدمج بين الفحوصات الجينيّة الثلاثة زيد من نسبة حساسيّة الفحص إلى %92 تقريبًا.
تتطرّق إلى مجموعة أكبر من المشاكل الكروموزوميّة والوراثيّة لدى الجنين.
هناك فحص جينيّ آخر، NIPT، وهو فحص DNA (الحمض النووي) الجنين في دم الأم - فحص دم يختبر احتمال وجود متلازمة داون، بنسبة حساسيّة أكبر من %99، وأربعة كروموزومات إضافيّة (13، 18، X وَ Y)، بنسبة حساسيّة أصغر قليلًا. يمكن توسيع إطار الفحص، واختبار تغييرات محدّدة لبعض الأمراض الوراثيّة.
من المعروف أنّ الفحوصات الجينيّة لا تتيح إمكانيّة التشخيص بشكل دقيق، لكنّها تختبر احتمال وجود المتلازمة. بالإضافة، مجال الفحص في هذه غالبيّة هذه الفحوصات محدود لمتلازمة داون ولأربعة كروموزومات إضافيّة فقط في فحص الـ NIPT. بالمقابل، فحص الزغابات المشيميّة وفحص السائل السلوي هما فحصام تشخيصيّان، ويتطرّقان إلى مجموعة أكبر من المشاكل الكروموزوميّة والوراثيّة لدى الجنين.
ما هو فحص الزغابات المشيمية وفحص السائل السلوي؟
فحص الزغابات المشيمية وفحص السائل السلوي هما فحصان غزويّان تشخيصيّان لفحص أزواج الكروموزومات الـ 23 كلّها. من خلال هذه الفحوصات، يمكن معرفة ما إذا كان عدد الكروموزومات سليمًا، ما إذا كان هناك فائض في الكروموزومات ممّا يشير إلى متلازمة داون، نقص في الكروموزومات، نقص، فائض أو تغيير في مكان المادة الوراثيّة على الكروموزومات وغيرها.
في السنوات الأخيرة، شمل هذان الفحصان أيضًا فحص الرقاقة الجينيّة، وهو فحص موسّع يتمّ من خلاله فحص تتابُع المادة الوراثيّة لدى الجنين، ممّا يتيح إمكانيّة اكتشاف العديد من المتلازمات والأمراض. يمكن إجراء فحص الرقاقة الجينيّة فقط في إطار فحص الزغابات المشيمية أو فحص السائل السلوي.
يُنصَح اليوم بإجراء فحص رقاقة جينيّة في كلّ فحص للزغابات المشيمية أو فحص السائل السلوي؛ في بعض الأماكن، يتمّ من البداية إجراء فحص الرقاقة الجينيّة بدلًا من فحص الكروموزومات الاعتيادي. فحص الرقاقة الجينيّة يشمل تقريبًا كلّ ما يتمّ فحصه في إطار فحص الكروموزومات الاعتيادي.
ما هي الفروقان بين فحص الزغابات المشيمية وفحص السائل السلوي؟
يتمّ إجراء فحص الزغابات المشيميّة في مرحلة مبكّرة أكثر، في الأسبوع 10 ونصف حتى 14 من الحمل، بينما يتمّ إجراء فحص السائل السلوي في الأسبوع 16 حتى 22 من الحمل. في فحص الزغابات المشيميّة، تؤخذ خلايا من المشيمة نفسها، والتي تعكس صورة عن خلايا الجنين؛ بالمقابل، في فحص السائل السلوي، يتمّ شفط السائل السلوي نفسه، والذي تطفو عليه خلايا الجنين.
يتمّ إجراء فحص السائل السلوي بواسطة إدخال إبرة رفيعة عن طريق البطن إلى كيس السائل السلوي بتوجيه الأمواج الفوق صوتيّة البطنيّة. بالمقابل، يمكن إجراء فحص الزغابات المشيميّة بطريقتين.
الأولى مشابهة للطريقة التي يتمّ فيها إجراء فحص السائل السلوي، لكن بإبرة أسمك يتمّ إدخالها عن طريق البطن إلى المشيمة نفسها.
الطريقة الثانية لإجراء فحص الزغابات المشيميّة هي طريقة مهبليّة، تتمّ هي أيضًا تحت توجيه الأمواج الفوق صوتيّة البطنيّة: إدخال أنبوبة رفيعة إلى عنق الرحم ومن هناك إلى المشيمة من أجل شفط الخلايا. قبل إجراء الفحص بهذه الطريقة، يجب أن تكون المثانة البوليّة ممتلئة.
ما هي حسنات وسيّئات كلّ فحص؟
لفحص الزغابات المشيميّة توجد أفضليّة كبيرة مقارنةً مع فحص السائل السلوي - من حيث المرحلة المبكّرة التي يُجرى فيها. إذا أظهرت نتائج الفحص أنّه يجب وقف الحمل (لا قدّر الله)، يمكن القيام بذلك في هذه المرحلة بواسطة كحت بطانة الرحم، بينما وقف الحمل في مرحلة متأخرة، بعد إجراء فحص السائل السلوي، هو عمليّة أكثر تعقيدًا وتنطوي في أغلب الأحيان على مخاطر أكبر وعلى أزمات نفسيّة وحسيّة أكبر.
من سيّئات فحص الزغابات المشيميّة هو أنّه فحص مكلف أكثر من فحص السائل السلوي وهو متوفّر بوتيرة أقلّ لأنّ إجراءه يحتاج إلى مهارات عالية من حيث المختبر والطبيب المنفّذ، وفي البلاد، هناك القليل من الأطباء المؤهلين لإجراء الفحص والذين يملكون مهارات عالية لإجرائه.
من حيث المخاطر، في السابق، كان فحص الزغابات المشيميّة يعتبَر مسبّبًا للإجهاض المبكّر، لكن لم يتبيّن في الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة أيّ فرق إحصائيّ كبير من حيث خطورة الفحصين، ويمكن القول إنّ مدى الخطورة في كلا الفحصين اليوم متشابه.
قد تظهر آلام طفيفة بسبب الانقباضات.
هل هناك أعراض جانبيّة للفحوصات؟
بعد الفحصين، قد تظهر آلام طفيفة بسبب الانقباضات، تشبه آلام الدورة الشهريّة، لكنّ هذه الآلام تختفي بعد مرور بضع ساعات على الفحص. بعد إجراء فحص الزغابات المشيميّة بطريقة مهبليّة، قد يظهر نزيف طفيف لبضعة أيّام.
يستحسن أخذ قسط من الراحة لمدّة يومين بعد إجراء الفحصين. لا داعي للاستلقاء المتواصل في السرير، لكن يستحسن عدم القيام بأيّ أنشطة مجهدة.
ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الفحوصات؟
المخاطر متشابهة في كلا الفحصين: تلوّث، إجهاض، طلق وتمزّق السلى. إنّ احتمال حدوث إحدى هذه المخاطر ضئيل، لكن يجب إجراء فحص فورًا عند ظهور أحد الأعراض التالية: نزيف شديد بعد فحص الزغابات المشيميّة المهبلي؛ نزيف بشكل عام، بعد فحص السائل السلوي أو فحص الزغابات المشيميّة البطني؛ ارتفاع درجة الحرارة إلى 38 درجة فما فوق؛ آلام شديدة او تمزّق السلى.
ما هي المعايير التي تمكّن من إجراء الفحوصات ضمن سلةّ الخدمات الصحيّة؟
فحص السائل السلوي وفحص الزغابات المشيميّة يقدَّم ضمن سلة الخدمات الصحيّة للنساء اللواتي يستوفينَ المعايير التالية:
- فوق سنّ الـ 35.
- النساء اللواتي اتّضح أنهنّ عانينَ في السابق من مشاكل كروموزوميّة أو وراثيّة.
- النساء اللواتي يحمل أزواجهنّ مرضًا وراثيًا.
- النساء التي أشارت فحوصاتهم الجينيّة إلى وجود خطورة كبيرة.
- النساء اللواتي أشارت فحوصاتهم بالأمواج الفوق صوتيّة إلى وجود خطورة كبيرة.
كما ذكرنا، في أغلب الأحيان، بما انّ فحص الزغابات المشيميّة هو فحص مكلف أكثر ويحتاج إلى مهارات طبيّة أعلى، يتمّ تحويل المرأة لإجراء فحص السائل السلوي.
هل يمكن لفحص NIPT أن يحلّ مكان فحص السائل السلوي؟
فحص الـ NIPT هو فحص ذو نسبة حساسيّة عالية، إلّا أنّه فحص جينيّ وليس تشخيصيّ. لهذا السبب، لا يمكن لهذا الفحص أن يحلّ مكان فحص السائل السلوي. كما وأنّه لا يمكن إجراء فحص الرقاقة الجينيّة في فحص NIPT. بالمقارنة مع سائر الفحوصات الجينيّة، فإنّ فحص NIPT يعتبَر فحصًا أكثر حساسيّة. مع ذلك، يجب التذكّر: يتمّ التشخيص الطبي بشكل أدقّ من خلال فحص السائل السلوي أو فحص الزغابات المشيميّة.
ملخّص: فحص السائل السلوي وفحص الزغابات المشيميّة هما فحصان تشخيصيّات غزويّان، يتمّ إجراؤهما لاكتشاف المشاكل الكروموزوميّة والوراثيّة، مثل متلازمة داون. الفروقات بين الفحصين تكمن بالأساس في مراحل الحمل التي يمكن فيها إجراء الفحصين (فحص الزغابات المشيميّة في الأسبوع 10 ونصف حتى 14 من الحمل؛ فحص السائل السلوي في الأسبوع 16 حتى 22 من الحمل)، في طريقة إجرائهما ومدى توفّرهما. المخاطر التي ينطوي عليها الفحصان ضئيلة وهي متشابهة في كلا الفحصين. هناك فحوصات جينيّة إضافيّة لاكتشاف المشاكل الكروموزوميّة وبعض الأمراض الوراثيّة لدى الجنين، ومن بينها فحص دم يسمّى NIPT. مع ذلك، لا يمكن لأيّ فحص جينيّ أن يحلّ مكان فحص السائل السلوي او فحص الزغابات المشيميّة، لأنّ تلك الفحوصات لا تعتبَر تشخيصًا بل تقديرًا فقط للخطورة ولدلائل أو أمراض محدّدة فقط.
د. يوسف هار طوف هو أخصّائي توليد وطب نساء، نائب مدير وحدة الأمواج الفوق صوتيّة في المركز الطبي تل أبيب (مستشفى ليس).
ساعدت في إعداد المقالة: عنات نيساني، مراسلة zap doctors.