عمليات تصغير المعدة
د. ابراهيم حربجي، مختص في العمليات الباطنية وأهمها عمليات "تصغير المعدة"، يتحدث مع موقع طبيبكم حول عمليات تصغير المعدة
نسلط الضوء في هذه المقابلة على عمليات تصغير المعدة للتخلص من الوزن الزائد وأنواعها: ربط المعدة (او الحلقة)، عملية قص المعدة (او الكم) وعملية تحويل المعدة. لمن تجرى هذه العمليات؟ هل تحمل مخاطر؟ أي منها الأكثر شيوعا، وما علاقتها بالأمراض التي تسببها السمنة الزائدة، كيف تقاس السمنة. وغيرها من الأمور التي تتعلق بهذا النوع من العمليات.
لمن تجرى عمليات تصغير المعدة؟
يقول د. حربجي: قبل الدخول في تفاصيل وانواع هذه العمليات ينبغي علينا اولا تعريف مصطلح السمنة الزائدة، وتناسبها مع كتلة الجسم، على أساس معادلة تعرف بمعادلة " BMI " وهي اختصار لمصطلح Body mass index وتقاس بمعدل الوزن على تربيع الطول، أي مساحة الجسم، وحسب هذه المعادلة يستطيع الأطباء تحديد ما اذا كان الشخص يعاني من سمنة زائدة مفرطة. وهنالك مستويات للسمنة فاذا كانت المعادلة تتراوح بين 25 – 18.5 لا تعتبر السمنة زائدة، وبين 30 – 25 تسمى زيادة في الوزن، وبين 35 – 30 تسمى سمنة. أما السمنة الزائدة المفرطة فهي فوق 40 حسب معادلة " BMI " وبموجب قوانين وزارة الصحة فإن من يلجأ الى هذه العملية هو الشخص الذي يعاني من سمنة زائدة ولا يستطيع خفض وزنه عن طريق اتباع حمية غذائية أو عن طريق ممارسة الرياضة، ويكون اللجوء الى هذه العمليات للتخلص من الوزن الزائد هو آخر الحلول وليس أولها!
يمكن اجراء هذا النوع من العمليات للتخلص من الوزن الزائد في حالات استثنائية لمن يعانون من مستوى أقل من 40 في معادلة " BMI " فقط في الحالات التي يعاني منها الشخص السمين من عدم توازن السكر، بواسطة الأدوية وحقن الأنسولين، او ممن يعانون من ضغط دم مرتفع لا يمكن السيطرة عليه، او اولئك الذين يعانون من اضطراب النوم والاختناق اثناء الليل.
سبب السمنة عامل مهم
يعقد د. حربجي جلسة خاصة مع الشخص الذي يحتاج عملية تصغير المعدة للتخلص من الوزن الزائد، لمعرفة التفاصيل المهمة حول أسباب السمنة، فهنالك سمنة سببها تناول كميات كبيرة من الطعام، وهنالك سمنة سببها الإدمان على تناول الحلويات والشوكولاطة، فالأشخاص الذين يتناولون الشوكولاطة بكميات كبيرة لهم عملية خاصة، ولا تناسبهم عملية تقليل كميات الطعام، ولذلك أقول انه أصبح لدينا أنواع من هذه العمليات حسب حاجة المريض.
ما هي انواع عمليات تصغير المعدة؟
اول عملية بدأنا بها لتصغير حجم المعدة هي عملية الحلقة او عملية ربط المعدة وهي ربط الجزء الأعلى من المعدة بحلقة من شأنها ان تحدد كمية الطعام في المعدة بكمية قليلة وعندها يشعر الشخص بالشبع، ولا يستطيع تناول المزيد من الطعام، لذلك فانه يضطر لاتباع نظام غذاء معين يقوم خلاله بتناول الطعام ببطء ويمضغ الطعام بشكل جيد بحيث لا يضغط على الحلقة حتى لا تحدث تعقيدات وأعراض غير مرغوب فيها كالتقيؤ أو الاضطراب في الحلقة وتعثر الطعام فيها. ويقول د. حربجي: "بعد عملية ربط المعدة، هنالك من يتعايش مع هذه الحلقة وينظم غذاءه منذ 15 عاما حين أجريت لهم العملية، وآخرون لم يحتملوها لمدة سنة بسبب التلبك نتيجة عدم اتباع نظام مناسب فاضطررنا الى ازالة الحلقة. والحلقة التي تستعمل في عملية ربط المعدة مصنوعة من السليكون، يتم ادخالها الى تجويف البطن وربط المعدة فيها بدون جراحة، وانما عن طريق المنظار "لاباروسكوبي" ونستطيع التحكم فيها عن طريق انبوب يمكن من خلاله توسيع وتضييق الحلقة – بمعنى توسيع أو تضييق المعدة - حسب رغبة الشخص نفسه.
عملية ربط المعدة أوشكت على الانقراض اليوم وهي غير مطلوبة إلا نادرا، وتعتبر عملية ربط المعدة بسيطة وغير معقدة، ومن الخوف من هذه العمليات متعلق بالصحة العامة للشخص، فالسمنة الزائدة هي مرض بحد ذاته وقد يرافقها مرض السكري أو الحساسية للتخدير لذلك فأن تأثير البنج على هؤلاء الاشخاص أعلى منه لدى الأصحاء والمعافين تماما، وحالات الوفاة التي رافقت هذا النوع من العمليات جاءت في غالبية الأحيان نتيجة جلطات كانت تحدث للمريض بعد ساعات من العملية بسبب البقاء في السرير وتحت تأثير التخدير أو نتيجة التهابات رئوية، لكن بعد ان أصبحنا نجري هذه العملية بدون جراحة عن طريق المنظار، لم تعد هنالك حاجة لبقاء المريض في السرير، بل اننا نطلب منه ان يغادر السرير بعد خمس ساعات من عملية ربط المعدة ونمنع بذلك الجلطات والالتهابات والمضاعفات الخطيرة التي كانت ترافق هذه العملية."
كم هي مهمة خبرة الطبيب في هذه العمليات؟
من المهم جدا ان يكون الطبيب صاحب خبرة ومتمكن من هذه العمليات، وقادر على ايجاد حلول لأية مضاعفات يمكن ان تحدث، ويقول د. حربجي انه منذ سنوات طويلة اعتاد ان يجري هذه العمليات كطاقم واحد سوية مع د. ريمون منسة، وكلاهما ذوي خبرة سنوات طويلة في هذه العمليات ولا يسمحان لأحد أن يجري هذا النوع من العمليات دون وجودهما معا ضمن طاقم الجراحين.
تحدثنا عن عملية الحلقة او عملية ربط المعدة.. ماذا عن العمليات الحديثة الأخرى لتصغير المعدة؟
العمليات الأخرى الرائجة اليوم بكثرة هي عملية ما يسمى "sleeve" أو "الكم" باللغة العربية، يتم خلالها قص المعدة وازالة نحو 80% - 70% من المعدة تبدأ من عنق المعدة ولغاية الجزء الاول من الامعاء الدقيقة (الاثنا عشر) بحيث يصبح شكل المعدة أشبه بالمصران الغليظ، يمر منه الطعام دون ان يسقر فيه، الأمر الذي يحتم على الشخص التقليل من كمية الطعام، وعدم القدرة على تناول كميات كبيرة منه، وخلال عملية قص المعدة تتم ازالة القسم الذي يفرز الهورمون المسؤول عن الشهية للطعام. وتجدر الاشارة هنا الى ان ازالة جزء كبير من المعدة لا يؤثر على عملية امتصاص المواد الغذائية.
من حسنات هذه عملية قص المعدة ان مجرى الطعام يكون مفتوحا وسالكا بشكل جيد من البلعوم ولغاية الأمعاء، مرورا بالمعدة الصغيرة التي تمتلئ بسرعة، وليس هنالك خطر انسداد الأمعاء أو اية مضاعفات أخرى.
هذا النوع من العمليات لا ينصح به للأشخاص الذين لا يستطيعون الامتناع عن تناول الحلويات، لأن عملية امتصاص الغذاء في هذه العملية لا يتغير، لذلك فإن تناول كميات كبيرة من الحلويات يزيد من امتصاص السكر الذي يتحول فيما بعد الى دهنيات.
من التعقيدات المحتملة في عملية عملية قص المعدة يقول د. ابراهيم حربجي، هو تسرّب السوائل او نزيف دم الى تجويف البطن فيما لو انفسخت الدبابيس التي تقطب فيها المعدة بعد ازالة جزء كبير منها. لذلك من المهم جدا ان يبقى الشخص تحت المراقبة بعد العملية.
ومن سيئات عملية قص المعدة ان المعدة قد تعود وتتسع بعد خمس سنوات اذا لم يلتزم الشخص بنظام غذائي وعاد ليتناول كميات كبيرة من الطعام.
العملية الأكثر شيوعا هي العملية الأكثر عرضة للمضاعفات والتعقيدات: عملية تحويل المعدة
وعن النوع الثالث من هذه العمليات تحدث د. حربجي قائلا ان العملية الأكثر انتشارا في العالم اليوم هي العملية الأكثر تعقيدات ومضاعفات، وهي عملية تحويل المعدة او تجاوز المعدة بواسطة مصران ينقل الغذاء مباشرة الى الأمعاء. ويتم من خلال عملية تحويل المعدة قص جزء من المعدة وربطها بمصران وجعله يتجاوز جزء من الأمعاء الدقيقة (وبضمنها الاثنا عشر)، وصولا الى الجزء المتبقي من الأمعاء الدقيقة مباشرة ومن ثم الى الامعاء الغليظة ، ثم الشرج والخروج من الجسم.
من حسنات هذه عملية تحويل المعدة انها تمنع عملية امتصاص الغذاء، ولكنها قد تفقد الشخص متعة الحياة – كما يقول بعض الذين أجروا العملية – ويصبح همهم الأول الدخول الى الحمام عدة مرات في اليوم لوضع البراز، كما يعانون من قلة امتصاص المواد الغذائية الحيوية والضرورية، ويحتاجون للاستعاضة عنها بالفيتامينات.
ويقول د. حربجي: "من ناحية واحدة عملية تحويل المعدة تنقذ الشخص من السكر في الجسم ومن الدهنيات، ومن ضغط الدم، ولكنها من ناحية أخرى تسبب متاعب في العيش السليم وتمنع الشخص من الاستقرار والراحة النفسية والبدنية، وقد توصل الشخص الى حالة من الاكتئاب. ومن سيئاتها ايضا انه قد يحدث انسداد في الأمعاء نتيجة التجاوزات المعوية التي أجريت للمريض.
الاشخاص يتأثرون برأي العائلة
يلجأ الكثير من الاشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة والمفرطة الى عمليات تصغير المعدة للتخلص من الوزن الزائد، لكن المشكلة ان معظم هذه التوجهات تجيء نتيجة ضغوطات اجتماعية من الأهل، خلافا لرغبة الشخص المعني بالأمر، ويقول د. حربجي انه يرفض اجراء عملية لشخص هو غير مقتنع بها، وانما هو مرغم على ذلك نزولا عند رغبة أهله.
هنالك افكار مسبقة لدى الناس بأن هذه العمليات خطرة وتسبب الوفاة
هنالك اعداد كبيرة من الاشخاص الذين يجرون هذه العمليات ولكن مشكلة هذا المجتمع هو ان سرعة انتشار الشائعات فيه كانتشار النار في الهشيم، فهم يتكتمون على اجراء هذه العمليات ولا يبوحون بأمرها بل تبقى في سرهم، ولكن عندما تحدث مضاعفات لدى واحد منهم فإن كل القرية تعلم بالأمر وتصبح هذه الحالة الاستثنائية والنادرة وكأنها هي القاعدة والأساس في هذه العمليات.
أي من هذه العمليات ينصح بها؟
يرى د. حربجي ان أفضل هذه العمليات هي عملية الكُم "sleeve" ا عملية قص المعدة شريطة ان يتعهد الشخص بالامتناع عن تناول الحلويات. أما للذين يعانون من السكري وضغط الدم المرتفع فانه ينصح بعملية تحويل المعدة لانها أكثر صحية رغم تعقيداتها.