مضاعفات المشيمة خلال الحمل
المشيمة (Placenta) هي العضو الموجود على سطح جدار الرحم، ويصل بين المرأة الحامل والجنين، ويتراوح وزنه بين 400-500 غرام. يبدأ نمو المشيمة منذ تكون الجنين، وتتطور المشيمة خلال الحمل. خلايا خاصة تبني المشيمة وتتطور هذه الخلايا مع تطور الجنين. ترتبط المشيمة بالجنين، من جهة وبحبل السرة- الذي يصل للمرأة الحامل- من الجهة الثانية. تعمل المشيمة على افراز الفضلات من الجنين ونقل الأوكسجين والتغذية من المرأة الحامل الى الجنين. كما أن المشيمة تحمي الجنين من العدوى والمواد السامة.
قد تصيب المشيمة مضاعفات عديدة خلال الحمل، كوجود زوائد، اتصال مشوه لحبل السرة، العدوى، وأخرى. من أبرز مضاعفات المشيمة خلال الحمل:
· انفصال المشيمة (Placental Abruption).
· المشيمة المنزاحة (Placenta Previa).
· المشيمة الملتصقة (Placenta Accreta).
غالباً ما تؤدي هذه المضاعفات الى النزيف المهبلي (Vaginal Bleeding) خلال المنتصف الثاني من الحمل.
انفصال المشيمة هو أحد مضاعفات المشيمة الخطرة خلال الحمل، حيث يؤدي للنزيف المهبلي في المنتصف الثاني من الحمل- والذي قد يكون شديداً. يُصيب انفصال المشيمة امرأة حامل واحدة من كل 200 امرأة حامل.
خلال انفصال المشيمة، تنفصل المشيمة عن جدار الرحم، مما يؤدي للنزيف في منطقة ارتباط المشيمة بالرحم. تزداد خطورة انفصال المشيمة اذا ما كان النزيف شديداً.
عوامل خطورة انفصال المشيمة
لا يُعرف السبب المباشر لانفصال المشيمة، وتوجد عوامل خطورة عديدة قد تزيد من خطورة الاصابة بانفصال المشيمة خلال الحمل:
· ضغط الدم المرتفع لدى المرأة الحامل، خاصةً تسمم الحمل (Preeclampsia).
· انفصال المشيمة في السابق.
· تعاطي المخدرات وخاصةً الكوكائين.
· الاصابة المباشرة في البطن.
· الجيل: تزداد خطورة الاصابة بانفصال المشيمة عند التقدم بسن المرأة الحامل.
· التدخين.
· المشروبات الكحولية.
· تعدد الولادات.
أعراض انفصال المشيمة
عدة أعراض قد تظهر عند انفصال المشيمة، وهي:
· النزيف المهبلي: أبرز الأعراض. يحدث النزيف المهبلي بعد منتصف الحمل، وتتغير شدته حيث قد يؤدي الى فقدان الدم. تتعلق خطورة النزيف المهبلي بكمية الدم المفقود.
· ألم البطن، غالباً ما يكون تقلصات في الرحم.
· ألم الظهر الأسفل.
· بطئ نبض قلب الجنين: يؤدي فقدان الدم خلال انفصال المشيمة، لسوء انسياب الدم للجنين، مما يُعرض الجنين للخطر.
· الصدمة (Shock) اثر فقدان الدم.
من أهم المضاعفات الولادة المبكرة (Preterm Labor) ووفاة الجنين داخل الحمل.
تشخيص انفصال المشيمة
اذا ما شكت المرأة الحامل من أعراض أو مضاعفات انفصال المشيمة، عليها التوجه مباشرةً للطبيب النسائي. سيسأل الطبيب عن التاريخ المرضي وأعراض انفصال المشيمة. كما يقوم الطبيب باجراء الفحص الجسدي، وخاصةً الفحص المهبلي لاستبعاد مصدر اخر للنزيف المهبلي.
قد يُجري الطبيب بعض اختبارات الدم، والاختبار الأهم هو التخطيط فوق الصوتي (Ultrasound). التخطيط فوق الصوتي هو اختبار تصويري لرؤية الرحم وأعضاء الجهاز التناسلي الداخلية. يعمل التخطيط فوق الصوتي بناءً على ارسال موجات فوق صوتية من جهاز خاص الى الجسم، ومن ثم تُعكس هذه الموجات ليلتقطها الجهاز ويحولها الى صورة. يُمكن وضع الجهاز على جلد البطن أو الحوض، أو في داخل المهبل- Trans Vaginal Ultrasound. يُمكن رؤية الرحم، المشيمة وتشخيص انفصال المشيمة بواسطة التخطيط فوق الصوتي.
علاج انفصال المشيمة
نظراً لخطورة فقدان الدم الشديد خلال انفصال المشيمة، على المرأة الحامل التوجه مباشرةً للمستشفى لتلقي العلاج. على الطاقم الطبي المباشرة بالعمل على علاج المرأة الحامل فور استقبالها.
قبل البدء بالعلاج سيستخرج الطبيب بعض اختبارات الدم، يُجري اختبار فحص نبض قلب الجنين وادخال أنبوب الى الوريد- للحاجة للعلاج بالسوائل أو وجبات الدم.
يتعلق قرار العلاج بحالة المرأة الحامل والجنين:
· فقدان الدم الشديد: اذا فقد كمية كبيرة من الدم عند انفصال المشيمة، مما يؤدي لضغط الدم المنخفض أو الصدمة، يجب البدء بالعلاج بتناول السوائل عن طريق الوريد. الهدف من السوائل هو استرجاع حجم الدم المفقود. قد تكون حاجة لتناول وجبات الدم اذا لم تساعد السوائل في العلاج. بعد انعاش المرأة الحامل من الحالة الوخيمة، يجب ولادة الجنين سواءً بالولادة الطبيعية أو الولادة القيصرية.
· فقدان الدم الطفيف: اذا فقدت كمية صغيرة من دم المرأة الحامل عند انفصال المشيمة، فان العلاج يتعلق بحالة الجنين:
وجود ضائقة الجنين: عندها يجب توليد الجنين مباشرةً بالولادة القيصرية.
اذا لم يعاني الجنين من ضائقة معينة، يُمكن متابعة المرأة الحامل والجنين حتى نمو الرئتين ومن ثم الولادة. قد تبرز الحاجة لتناول الستيرويد (Steroid) لتعجيل نمو الرئتين، اذا ما كان الحمل قبل الأسبوع الرابع والثلاثين- وهو أسبوع اكتمال نمو رئتي الجنين.
حالة المشيمة المنزاحة هي الحالة التي تكون فيها المشيمة في غير مكانها الطبيعي، حيث تكون المشيمة أسفل الرحم وتغطي فتحة عنق الرحم الداخلية- سواءً بشكل تام أو جزئي. يؤدي الأمر الى انسداد الفتحة الداخلية لعنق الرحم، وهو مخرج الجنين من الرحم.
نسبة انتشار المشيمة المنزاحة تقارب 1/200-1/400 لدى النساء الحوامل. قد تؤدي المشيمة المنزاحة الى النزيف المهبلي نتيجةً لتمزق الأوعية الدموية داخل المشيمة، اثر مكان المشيمة الغير طبيعي.
عوامل خطورة المشيمة المنزاحة
عدة عوامل تزيد من خطورة الاصابة بالمشيمة المنزاحة وتشمل:
- الجيل: تزداد خطورة الاصابة بالمشيمة المنزاحة عند التقدم في السن، خاصةً اذا كانت المرأة الحامل بعد سن الخامسة والثلاثين.
- التدخين.
- الولادة القيصرية في السابق.
- الحمل المتعدد (Multiple Pregnancy): أي الحمل بتوأم أو أكثر.
أعراض المشيمة المنزاحة
- النزيف المهبلي (Vaginal Bleeding): أبرز الأعراض للمشيمة المنزاحة. يتغير حجم الدم المفقود خلال النزيف المهبلي، الا أن النزيف غالباً يكون طفيفاً. قد تلاحظ المرأة الحامل بعض بقع الدم على الغيارات الداخلية، ومن النادر فقدان الكثير من الدم. بعكس انفصال المشيمة، فان النزيف المهبلي في المشيمة المنزاحة يكون عديم الألم. يحدث النزيف بعد الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل.
- علامات المشيمة المنزاحة: غالباً ما يكون رحم المرأة ناعم الملمس وغير مؤلم.
- قد تتفاقم المشيمة المنزاحة لانفصال المشيمة.
بعكس انفصال المشيمة، لا تصاب المرأة الحامل بالألم أو تقلصات الرحم عند المشيمة المنزاحة.
أهم مضاعفات المشيمة المنزاحة هي الولادة المبكرة (Preterm Labor). من النادر حدوث بطئ نبض قلب الجنين أو تغييرات أخرى في نبض الجنين. مضاعفات أخرى كالصدمة، انفصال المشيمة أو التفاف حبل السرة حول عنق الجنين هي مضاعفات قليلة الحدوث.
تشخيص المشيمة المنزاحة
يتم تشخيص المشيمة المنزاحة عبر التاريخ المرضي والفحص الجسدي. للتاريخ المرضي أهمية في تشخيص المشيمة المنزاحة، حيث أن أعراض كالنزيف المهبلي عديم الألم يوجه كثيراً للمشيمة المنزاحة.
خلال الفحص الجسدي يقوم الطبيب النسائي بجس الرحم وملامسته، كما أنه يقوم باجراء الفحص المهبلي لاستبعاد النزيف من مكان اخر كالمهبل، أو عنق الرحم.
أهم الاختبارات لتشخيص المشيمة المنزاحة نهائياً هو التخطيط فوق الصوتي (Ultrasound)، والذي يُساعد على تشخيص معظم حالات المشيمة المنزاحة. بالاضافة لتشخيص المشيمة المنزاحة، يساعد التخطيط فوق الصوتي على تشخيص مضاعفات المشيمة المنزاحة.
علاج المشيمة المنزاحة
يتعلق اختيار العلاج المناسب بكمية النزيف المهبلي، فترة الحمل، وحالة الجنين. معظم النساء الحوامل المصابات بالمشيمة المنزاحة يدخلن المستشفى، لمتابعة وعلاج المرأة الحامل.
متابعة المرأة الحامل
اذا كان النزيف المهبلي طفيفاً، ولم تُفقد كمية كبيرة من الدم، يُمكن متابعة المرأة الحامل في المستشفى. خلال المتابعة، يجب التأكد من عدم ظهور أعراض، مضاعفات أو تفاقم حالة المشيمة المنزاحة. كما يتم اجراء اختبار نبض قلب الجنين لمتابعة الجنين.
من المهم تجنب الولادة المبكرة، لذا يتم العلاج بالأدوية المستخدمة لعلاج الولادة المبكرة لتأجيلها اذا ما كانت فترة الحمل قبل الأسبوع الثاني والثلاثين. اذا كان الحمل بعد الأسبوع الرابع والثلاثين، يُمكن توليد الجنين بسبب اكتمال نمو الجنين.
قد تبرز الحاجة للعلاج بالستيرويد لتعجيل نمو رئتي الجنين، اذا برزت الحاجة للولادة قبل الأسبوع الرابع والثلاثين.
يتم العلاج بالسوائل لاسترجاع حجم الدم المفقود. اذا لم تكفي السوائل، يجب العلاج بوجبات الدم للتعويض عن الدم المفقود. أساس علاج المشيمة المنزاحة هو استرجاع حجم الدم المفقود.
الولادة
قد تكون حاجة للولادة الفورية اذا كانت حالة المرأة الحامل أو الجنين حرجة، وتستدعي الولادة الفورية. ويكون الأمر اذا ما أصيبت المرأة بالصدمة وفقدت الكثير من الدم، أو أصيب الجنين ببطئ نبض قلب الجنين. في هذه الحالات يجب الولادة الفورية. أما اذا كانت المرأة الحامل بخير، والجنين لم يصاب ببطئ نبض قلب الجنين، يُمكن متابعة المرأة الحامل والجنين حتى الولادة الطبيعية.
يتعلق اختيار طريقة الولادة بمدى استعجال الولادة، حيث من المفضل اجراء الولادة القيصرية عند الحاجة للولادة الفورية. كما أن الولادة القيصرية تُجرى عند انسداد عنق الرحم، سواءً كلياً أو جزئياً. في باقي الحالات، واذا لم تسد المشيمة المنزاحة عنق الرحم يُمكن محاولة الولادة بشكل طبيعي.
اذا ما كانت المرأة الحامل أو الجنين بحالة حرجة، يجب استرجاع السوائل ومن ثم الولادة الفورية. عدا عن ذلك يُمكن متابعة المرأة الحامل والجنين حتى الولادة.
المشيمة الملتصقة هي حالة التصاق المشيمة وانغراسها داخل عضل الرحم. بشكل طبيعي ترتبط المشيمة بجدار الرحم، لكنها لا ترتبط بعضل الرحم. المشيمة الملتصقة هي أقل مضاعفات المشيمة خلال الحمل حدوثاً، وتصيب 1/2000-1/7000 من النساء الحوامل.
أنواع المشيمة الملتصقة
يتم تصنيف المشيمة الملتصقة لعدة أنواع، تبعاً لدرجة الانغراس في عضل الرحم. توجد ثلاثة أنواع من المشيمة الملتصقة:
- المشيمة الملتصقة السطحية (Placenta Accreta Vera) وتشكل 80% من الحالات، وتكون المشيمة ملتصقة بسطح عضل الرحم.
- المشيمة المنغرسة (Placenta Increta): 15% من الحالات، وتكون المشيمة منغرسة داخل عضل الرحم.
- المشيمة عميقة الانغراس (Placenta Percreta): 5% من الحالات، وتكون المشيمة منغرسة لكامل عمق عضل الرحم.
عوامل خطورة المشيمة الملتصقة
لا يُعرف السبب الدقيق للمشيمة الملتصقة، لكن تُعرف عدة عوامل خطورة للمشيمة الملتصقة: الولادة القيصرية السابقة، المشيمة المنزاحة، تعدد الولادات، وأخرى. تؤدي هذه العوامل الى انغراس خاطئ للمشيمة داخل جدار الرحم، مما يؤدي للمشيمة الملتصقة على أنواعها.
أعراض المشيمة الملتصقة
تكون المشيمة الملتصقة عديمة الأعراض خلال الحمل، ومن الصعب تشخيصها خلال الحمل. لذا غالباً ما تظهر أعراض المشيمة الملتصقة بعد الولادة حيث تؤدي للنزيف التالي للولادة (Postpartum Hemorrhage). يحدث النزيف بسبب بقايا من المشيمة الملتصقة، التي تبقى داخل عضل الرحم ولا تخرج بعد الولادة.
اذا ما كان النزيف التالي للولادة شديداً، قد تتفاقم الحالة لضغط الدم المنخفض والصدمة (Shock).
تشخيص المشيمة الملتصقة
يتم تشخيص المشيمة الملتصقة بواسطة الاختبارات التصويرية، والاختبار الأكثر استخداماً هو التخطيط فوق الصوتي. حيث يُمكن رؤية المشيمة داخل عضل الرحم، أو أجزاء من المشيمة تبقى داخل عضل الرحم بعد الولادة.
علاج المشيمة الملتصقة
يبدأ العلاج بالسوائل أو وجبات الدم- اذا وجدت الحاجة- لتعويض المرأة عن فقدان الدم. حيث يتم تناول السوائل عن طريق الوريد. بالاضافة الى ذلك يجب اقافة النزيف. يتم اقافة النزيف بعدة طرق أبرزها المعالجة الجراحية لاستئصال الرحم فوراً.