مرض مينيير (Meniere Disease)
مرض مينيير (Meniere Disease) هو اضطراب يصيب الأذن الداخلية ويؤدي لنوبات الدوار، طنين الأذنين وضعف السمع أحادي الأذن – المؤقت أو الدائم. يؤثر المرض على المصابين به بدرجات متفاوتة، بحيث يكون مجرد ازعاج للمريض أو اعاقة دائمة ومزمنة طيلة الحياة. لا يُعرف السبب المحدد لمرض مينيير وتشير الأبحاث أن تراكم السوائل في الأذن الداخلية – لأسباب غير واضحة- يؤدي لضرر للأذن الداخلية مما يسبب الأعراض. علاج مرض مينيير موجه لتلطيف الأعراض وقد تكون حاجة للمعالجة الجراحية في بعض الأحيان.
يصيب مرض مينيير ما يقارب 100-150 شخص من كل مئة ألف شخص، ويصيب الرجال والنساء على حد سواء. تبرز أعراض مرض مينيير في سن الأربعين حتى الستيين، لكنه قد يحدث قبل ذلك. قد يوجد تاريخ عائلي للمرض في 10-20% من الحالات، وعلى ما يبدو فان بعض الجينات مسؤولة عن المرض.
يبقى مرض مينيير مجهول السبب، لكن يعتقد أن المشكلة الأساسية في مرض مينيير هي تراكم السوائل في الأذن الداخلية واستسقاء اللمف الداخلي، ولا يُعرف السبب الدقيق لذلك – قد يكون الأمر وراثياً، أو نتيجة لعدوى فيروسية أو اثر مرض مناعة ذاتي. استسقاء السوائل داخل الأذن يؤدي لارتفاع الضغط داخل الأذن ولحركة اللمف الداخلي تحت ضغط مرتفع مما يسبب أضراراً لأنسجة الأذن الداخلية وقد يسبب تلفها. نشير الى أن استسقاء السوائل هو أمر موجود خلال المرض لكن ذلك لا يعني أن الاستسقاء هو سبب مرض مينيير.
تتغير شدة ووتيرة أعراض مرض مينيير من مريض لاخر، ولا يعاني المرضى جميعهم من ذات الأعراض. يُوصف مرض مينيير بنوبات الأعراض التالية:
· نوبات الدوار: أبرز الأعراض وأهمها. بين نوبات المرض قد لا يشعر المريض بأية دوار، وقد تكون النوبات شديدة وتسبب عجزاً واضحاً للمريض.
· طنين الاذن: وغالباً ما يكون شعوراً بالصفير في الأذن المصابة مزمناً أو متفاوتاً.
· الصمم: في أذن واحدة وأحياناً في كلتا الاذنين، ويحدث الصمم اثر ضرر لأعصاب السمع. غالباً ما يكون الصمم تصاعدياً مع الترددات المنخفضة. قد يتحسن السمع بعد نوبة المرض، لكن معظم الحالات مصيرها تدهور السمع.
كما أن معظم المرضى يصفون شعوراً بامتلاء الأذن. غالباً ما تظهر الأعراض بشكل مفاجئ وتستمر لمدة دقائق حتى ساعات (لا تتجاوز 24 ساعة). ليس من الضروري أن توجد كل الاعراض لدى المريض، لكن وجود جميع الأعراض يجعل تشخيص المرض أمراً سهلاً على الطبيب.
أعراض اخرى قد تصاحب النوبات تشمل الغثيان، القيء، التعرق والاسهال، وهي مصاحبة للدوار. أعراض وعلامات اخرى في حال مرض مينيير هي:
· التحسس للضوء.
· التحسس للضجيج.
· الرأرأة (Nystagmus).
· فقدان التوازن.
يمكن تشخيص مرض مينيير من خلال التاريخ المرضي من علامات وأعراض. من المفضل التوجه لطبيب الأنف، الأذن والحنجرة لتشخيص المرض- حيث أن هؤلاء الأطباء يعالجون مرض مينيير. يقوم الطبيب باجراء فحص جسدي شامل للأنف والأذن والحنجرة لاستبعاد أسباب أخرى للأعراض. كما يُنصح أحياناً باجراء التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد أمراض في الدماغ كأورام الدماغ. لا يوجد اختبار محدد لتشخيص مرض مينيير انما يتم تشخيصه بعد استبعاد أسباب أخرى للاعراض.
في بعض الحالات يمكن تناول مواد تسبب الجفاف وتخرج فائض السوائل من الأذن- مثل الغليتسرول- ومن ثم اجراء اختبارات السمع بعد عدة ساعات لملاحظة أية تحسن في السمع.
الاختبار الحروري (Caloric Test): اختبار لتحري وظيفة العصب الدهليزي، بتقطير الماء الساخن أو البارد في الأذن الظاهرة. يسبب الأمر رارأة العين بشكل طبيعي، وعند اصابة العصب الدهليزي لا تحدث رارأة العين كما يجب. قد يكون الاختبار ايجابياً في حال 50-75% من مرضى مينيير، الا أنه يفتقد للنوعية.
نظراً لأن مرض مينيير هو مرض لا يمكن الشفاء منه، ولا يتوفر علاج شاف فان معظم امكانيات العلاج تعتمد على تلطيف الأعراض. تتوفر امكانيتين لعلاج مرض مينيير.
العلاج بالأدوية
توجد عدة أدوية لعلاج مرض مينيير:
· مدرات البول (Diuretics): تُستخدم لتجنب نوبات مرض مينيير وهدفها افراز فائض السوائل من الأذن الى البول. يُعتقد أن الأمر يخفف من أعراض مرض مينيير.
· الستيرويد: يُعتقد أن أدوية الستيرويد تقي من مرض مينيير.
· الأدوية المضادة للهيستامين (Antihistamine): مجموعة من الأدوية التي تلطف أعراض الدوار اثر عملها كمضادات لمادة الهيستامين. أبرز هذه الأدوية الستونارون (Stunarone).
· الأدوية الملطفة للغثيان أو القيء : بروميتازين (Promethazine) أو ميتيكلوبراميد (Metoclopramide).
المعالجة الجراحية
تختلف امكانيات المعالجة الجراحية بين امكانيات متلفة للسمع وامكانيات غير متلفة للسمع
استئصال التية (Labyrinthectomy): عملية جراحية متلفة للسمع، ويتم فيها استئصال التية بأكملها وهي جزء من الأذن الداخلية. في الواقع يتم جذ التية باستخدام سائل الملح.
تخفيف ضغط الكيس اللمفي الباطن (Endolymphatic Sac Decompression): عملية جراحية تُجرى بحيث تنتج قناة بين الكيس اللمفي في الأذن الداخلية الذي يحوي السوائل، وبين السائل الشوكي. يتحول السائل الفائض الى السائل الشوكي حيث يتم امتصاصه. لا تضر العملية بالسمع وتحافظ عليه.
قطع العصب الدهليزي (Vestibular Neurectomy): عملية جراحية أخرى تحافظ على السمع، وتهدف الى قطع العصب الدهليزي وهو جزء من العصب القحفي الثامن، المسؤول عن ايصال شارات جهاز التوازن من الأذن الداخلية للدماغ. قطع العصب كفيل بتلطيف أعراض الدوار الشديدة.
جذ العصب الدهليزي (Vestibular Ablation): عوضاً عن قطع العصب يمكن جذه باستخدام مواد كيميائية من نوع المضادات الحيوية – ستريبتومايتسين (Streptomycin) أو جينتامايتسين (Gentamicin)- حيث يتم حقن الأدوية الى داخل الأذن الداخلية، وتقضي على العصب الدهليزي وتبطل وظيفته. كما هي حال قطع العصب فان جذ العصب الدهليزي لا يتلف السمع.
ستريبتومايتسين (Streptomycin): نوع من المضادات الحيوية ويستخدم لتلطيف أعراض الدوار الشديدة. يُستخدم هذا العلاج في الحالات القصوى من مرض مينيير وفقط في حال اصابة كلتا الأذنين.
بعض التغييرات الغذائية أو البيئية قد تقي من مرض مينيير. يُنصح بتناول التغذية قليلة الملح بحيث لا يزيد معدل الملح عن 2-3 غرام في اليوم. كما يُنصح بتجنب الكحول والكفائيبن وتناول الأذوية المتوفرة للوقاية من المرض.
يكون مرض مينيير مقصوراً على أذن واحدة في البداية، لكنه قد يتقدم بيصيب كلا الأذنين مع مرور الوقت. معظم المرضى لا يشكون من اعاقة اثر الاصابة بالمرض، الا أن بعض المرضى قد يعانون من حالات شديدة ويفقدون السمع. يتفاوت ضعف السمع في الحالات المختلفة ويبرز الأمر في المراحل المتأخرة من المرض. وتيرة نوبات مرض مينيي تتغير من مريض لاخر ومن الصعب توقعها.