متلازمة موت الرضيع المفاجئ
متلازمة موت الرضيع المفاجئ (SIDS-Sudden Infant Death Syndrome) وتُعرف أيضاً باسم الموت السريري، هي حالة وفاة الطفل الرضيع قبل سن السنة، بشكل مفاجئ ودون سبب واضح. يبقى السبب غير معروفاً حتى بعد البحث عنه، تشريح جثة الطفل والتحقيق في مكان الوفاة. مُعظم الأطفال الرضع يتوفون خلال النوم، لذا تُسمى المتلازمة بالموت السريري، وفي الليل ودون وجود علامات لألم الطفل أو معاناته. هناك عدة عوامل خطورة لموت الرضيع المفاجئ، وتوجد عدة طرق للوقاية منه.
قلت نسبة موت الرضيع المفاجئ منذ سنوات الثمانينيات وحتى زمننا الحالي، ويُعتبر موت الرضيع المفاجئ السبب الأول لوفاة الأطفال الرضع في جيل الشهر حتى السنة. مُعظم حالات موت الرضيع المفاجئ تصيب الأطفال بين الشهر الثاني وحتى الشهر الرابع من حياتهم. وتُعتبر متلازمة موت الرضيع المفاجئ نادرةً قبل سن الشهر، وبعد سن الستة أشهر. تزداد نسبة انتشار موت الرضيع لدى الأطفال الذكور، ولدى الأفارقة وسود البشرة.
هناك عدة عوامل خطورة تزيد من احتمال موت الرضيع المفاجئ. أبرز عوامل الخطورة هي:
· نوم الرضيع مستلقياً على بطنه.
· النوم على فراش ناعم وغير قاسي.
· نوم الطفل مع الكثير من الحرامات، البطانيات والوسادات الناعمة.
· نوم الطفل على ذات السرير مع شخص بالغ أو طفل اخر.
· تدخين الأم خلال الحمل.
· صغر سن الأم (أقل من عشرين سنة).
· زيادة حرارة الطفل، سواء بتغطيته بالكثير من البطانيات، أو بزيادة درجة حرارة غرفة النوم.
· الولادة المبكرة.
· وزن الولادة المنخفض.
· الأم المستعملة للمخدرات.
رغم أن تعريف متلازمة موت الرضيع المفاجئ يُبقيها مجهولة سبب، الا أن بعض النظريات تُعطي تفسيراً لسبب حدوث موت الرضيع المفاجئ. النظرية الأكثر شيوعاً هي وجود قابلية للاصابة لدى الأطفال. وقد تكون أسباب هذه القابلية وراثية، أو اثر عيوب خلقية غير واضحة، وعند التعرض لأحد عوامل الخطورة كالتدخين أو بيئة النوم غير الملائمة، فقد تحدث اضطرابات في دماغ الطفل مما قد يؤدي لوفاته. رغم ذلك ليس من الممكن معرفة سبب موت الرضيع المفاجئ بدقة، ومن غير الممكن معرفة الضحية القادمة.
بعكس المعتقد، لا توجد علاقة بين التطعيمات التي يتلقاها الأطفال في سنتهم الأولى، وبين الموت المفاجئ. الدليل على ذلك هو انخفاض نسبة موت الرضيع المفاجئ منذ سنوات الثمانينيات، رغم ازدياد نسبة تطعيم الأطفال. بالاضافة الى ذلك فان دراسات عديدة كبيرة، أثبتت عدم وجود صلة بين موت الرضيع المفاجئ وبين التطعيمات.
توجد نظريات أخرى عديدة حول سبب موت الرضيع المفاجئ، كخلل في جهاز التنفس، خلل في القلب أو الدماغ. لكن لا وضوح حول السبب النهائي.
بعد وفاة الرضيع ودون وجود سبب واضح، يجب استبعاد أمراض أخرى قد تؤدي لموت الرضيع فجأةً. بعد استبعاد باقي الأمراض، واستبعاد أية سبب اخر لوفاة الرضيع، يُمكن تشخيص متلازمة موت الرضيع المفاجئ، شرط أن تبقى حالة الوفاة مجهولة السبب. لذا فان الأطباء سيبحثون مع الأهل صحة الطفل، الحمية الغذائية التي تناولها، نموه، تطوره، عادات نومه وعدة أمور أخرى. ستقوم لجنة من الأطباء بتفحص بيئة الطفل المتوفي من حيث بيئة النوم، نوع السرير، نوع الفراش، درجة حرارة الغرفة. تفحص البيئة تساعد على استبعاد أسباب أخرى للوفاة كالحوادث، وأسباب بيئية أخرى.
تشريح جثة الطفل الرضيع هو أمر يُجرى في معظم الحالات. هناك حاجة لاجراء تشريح الجثة لاستبعاد عيوب خلقية، اصابات، التهابات، وأمراض في جهاز الأيض.
طبعاً من الصعب على الأهل مواجهة هذا النوع من تفحص سبب الوفاة، خاصةً وأن الكثير من الأهل قد يكونون في مراحل شديدة من الحزن. رغم ذلك على الأهل والطبيب أن يعرفوا أهمية هذا البحث عن سبب الوفاة، والذي سيساعد الأهل والأطباء على معرفة السبب. كما يساعد الأمر في تجنب حالات وفاة مفاجئة لدى أطفال اخرين ولدى أشقاء الطفل في المستقبل.
لا بد وأن وفاة الطفل الرضيع صدمة شديدة جداً لأهل الطفل وعائلته. لا بد وأن الأهل يشعرون بالحزن، الأسى، الاحساس بالذنب، القلق، الخوف من المستقبل وحتى بالفشل. من الطبيعي أن يكون الأهل في حالة عدم انضباط وفي حالة صدمة قوية جداً. بعض الأهالي قد يشكون من حالات نفسية شديدة كسماع صوت الطفل، أو تخيله أمامهم، وقد يؤدي الأمر لشعور بالذعر والخوف من الجنون. القلق، الأرق، فقدان شهية الطعام، ضيقة النفس والارهاق المستمر هي أعراض أخرى قد يشكو منها الأهل اثر الصدمة النفسية البالغة. هناك تقلب شديد في الحالة النفسية لدى الأهل، حيث قد يشعرون بالحزن بشكل مفاجئ، بعد شعورهم بالراحة النفسية. يبرز الأمر خلال الذكرى السنوية لميلاد الطفل أو لوفاته. بشكل طبيعي فان الشعور بالحزن يختفي مع مرور الوقت، وقد يستغرق الأمر عدة أشهر لدى البعض.
من المهم التفرقة بين الحزن والأسى الذي يظهر اثر وفاة الطفل الرضيع، وبين الاكتئاب. من علامات الاكتئاب الشعور بفقدان الأمل، فقدان القيمة، الشعور بالذنب، وأعراض أخرى كفقدان الشهية، الاستمرار في النوم، تقلبات الوزن وغيرها. من الضروري علاج الأهل الذين يشكون من الاكتئاب بالأدوية المضادة للاكتئاب بالاضافة للعلاج النفسي.
استشارة أخصائي العلاج النفسي قد يكون أمراً مفيداً للتعامل مع حالة وفاة الطفل الرضيع. العمال الاجتماعيين، علماء النفس، الأطباء النفسيون ومختصون اخرون في المجال يستطيعون مساعدة العائلة على التعامل مع وفاة الطفل الرضيع. هناك عدة أنواع من المعالجة النفسية كالعلاج الفردي والحديث على انفراد مع المختص، العلاج بمجموعة وتمارين الاسترخاء والتي تساعد على تقليل حدة القلق.
خلال فترة الحمل:
· على المرأة الحامل الحفاظ على التغذية السليمة. سوء التغذية من اهم أسباب الولادة المبكرة، والخدج اكثر عرضة من غيرهم للموت المفاجئ. الحفاظ على التغذية السليمة ومتابعة الطبيب النسائي من احدى الحلول للوقاية من ولادة الخدج.
· المواد التالية هي عوامل خطورة لموت الرضيع المفاجئ، وعلى المرأة الحامل تجنب هذه المواد خلال الحمل:
التدخين.
المخدرات كالكوكائين (Cocaine) أو الهيروئين (Heroin).
· الحفاظ على مدة سنة على الأقل بين الولادة والأخرى، حيث أن المدة القصيرة بين الولادات تزيد من خطورة موت الرضيع المفاجئ.
· يُفضل أن لا تحملن النساء في سن مبكر، وخاصةً في سن المراهقة. كلما تقدم سن المرأة الحامل قل الاحتمال لموت الرضيع المفاجئ.
بعد ولادة الطفل الرضيع:
· الأطفال الرضع ينامون على ظهرهم. أثبتت العديد من الدراسات أن نوم الأطفال على بطونهم يزيد من خطورة موت الرضيع المفاجئ.
· نوم الرضيع على فراش قاسي فقط، ويجب الا يحوي السرير شيئاً سوى الرضيع. الوسادات، أغطية السرير، ممتصات الصدمات، وحتى الألعاب في السرير هي أمور تزيد من خطورة موت الرضيع المفاجئ. الفراش الناعم وغير القاسي يزيد هو الاخر من خطورة موت الرضيع المفاجئ.
· نوم الطفل الرضيع في سريره فقط. لا تسمحوا للرضيع بالنوم في أسرة البالغين، لأنها تشكل خطورة لموت الرضيع المفاجئ. تذكروا أن لا تغفلوا للنوم مع طفلكم الرضيع في سريركم.
· لا حاجة للطفل الرضيع لارتداء الكثير من الملابس، بحيث يرتدي الرضيع ما يكفيه من الملابس لتجنب البرد. بالاضافة الى ذلك يجب الحفاظ على درجة حرارة الغرفة من ارتفاعها. درجة الحرارة المرتفعة والتدفئة الزائد للطفل الرضيع، تزيد من خطورة موت الرضيع المفاجئ.
· الاقلاع عن التدخين! تعرض الطفل الرضيع لدخان السجائر، يزيد من خطورة موت الرضيع المفاجئ. من المهم ابعاد الطفل الرضيع عن التدخين، وعن أية بيئة ينطلق في هوائها دخان السجائر.
· يحتاج الرضع للرضاعة! عندما يتغذى الطفل الرضيع من الرضاعة، فان حليب الأم يخفض من عدوى جهاز التنفس والجهاز الهضمي. قد تكون أنواع العدوى هذه من أسباب موت الرضيع المفاجئ. نلاحظ من الدراسات أن الرضاعة تقلل من خطورة موت الرضيع المفاجئ.
· عدم تغطية رأس الطفل أثناء النوم.
هناك العديد من الأجهزة المتوفرة في الأسواق لمراقبة تنفس الطفل وعمل القلب خلال النوم. نشير الى أن هذه الأجهزة عديمة الفائدة ولا تقي من موت الرضيع المفاجئ، لأنه لا علاقة بين تنفس الطفل والموت المفاجئ.
تزداد خطورة الموت السريري لدى أشقاء ضحايا موت الرضيع المفاجئ، بخمسة مرات على الأقل. رغم ذلك فان احتمال وفاة طفل ثان بموت الرضيع المفاجئ في نفس العائلة لا يفوق 1%. عادةً يرشد الأطباء العائلة التي فقدت طفلاً بموت الرضيع المفاجئ، مما يساعدهم على الوقاية من موت الرضيع المفاجئ لدى الأشقاء.