داء النقرس (Gout disease)
داء النقرس (gout disease)، هو التهاب في المفاصل. عادةً ما يحدث داء النقرس للرجال أكثر من النساء، ويسبب آلام في المفاصل نتيجة الالتهاب. ان سبب داء النقرس هو ترسب أملاح الحمض اليوريك (uric acid)، في المفاصل مما يؤدي للالتهاب.
الية داء النقرس
كما ذكر، فان ترسب الحمض اليوريك في المفاصل، هو السبب لداء النقرس. حمض اليوريك هو أحد المواد في الجسم ويُستعمل لبناء الخلايا. يحصل جسمنا على حمض اليوريك من مصدرين أساسيين:
· عمليات الأيض والتفكك الطبيعي لخلايا الجسم.
· التغذية كاللحوم، الأسماك والكحول.
يعمل الجسم على افراز الحمض اليوريك للجهاز الهضمي والبراز بنسبة قليلة، أما النسبة الأكبر من حمض اليوريك يُفرز من خلال الكلى الى البول. يتخلص الجسم من فائض حمض اليوريك ويحافظ على توازن بين كمية حمض اليوريك المُنتجة والمفرزة، حيث لا يبقى فائضاً. قد يترسب حمض اليوريك في حالتين:
· انتاج كمية زائدة من حمض اليوريك، اثر التغذية، الكحول، أدوية معينة وأمور أخرى.
· نقص في افراز حمض اليوريك، وغالباً ما تكون وظيفة الكلى قد تضررت.
في حال زيادة انتاج حمض اليوريك أو عدم افرازه، يتراكم في الدم وترتفع نسبته. قد يؤدي الأمر لتراكمه في المفاصل بشكل بلورات مسبباً التهاباً حاداً، وفي الكلى مسبباً حصى الكلى. من المهم ذكره أن ارتفاع نسبة حمض اليوريك لا يعني بالضرورة الاصابة بداء النقرس، حيث من الممكن أن ترتفع نسبة حمض اليوريك ولا يؤدي الأمر لداء النقرس. الا أن نسبة حمض اليوريك مرتفعة تزيد من احتمال الاصابة بالنقرس.
هناك عوامل عديدة تزيد من خطورة الاصابة بداء النقرس، وتعمل هذه العوامل على زيادة انتاج حمض اليوريك أو نقص افرازه. تتعلق الكثير من عوامل الخطورة بنمط الحياة. أهم هذه العوامل:
· الجيل: داء النقرس أكثر شيوعاً لدى المرضى كبار السن.
· الجنس: يحدث داء النقرس للرجال أكثر من النساء.
· ضغط الدم المرتفع.
· الوزن الزائد والسمنة: حيث يزيدان من انتاج حمض اليوريك.
· المشروبات الكحولية: وبالذات البيرة.
· التغذية: أكل الكثير من اللحوم والأسماك يؤدي لانتاج الحمض اليوريك بكثرة. بالمقابل فان الخضار والفواكه لا تزيد كمية الحمض اليوريك.
· الأدوية: هناك أدوية معينة تؤدي لارتفاع نسبة الحمض اليوريك، وذلك بسبب تأثيرها على الافراز في الكلى. أهم هذه الأدوية هي:
مدرات البول من نوع التيازيد (thiazides).
التسايكلوسبورين (Cyclosporine)، وهو دواء يُستعمل كمضاد لجهاز المناعة في حال أمراض المناعة الذاتية.
· داء الكلى المزمن: وذلك لأن الكلى تفقد قدرتها على افراز حمض اليوريك مما يؤدي لتراكمه وترسبه في المفاصل.
· عدم تناول الأسبيرين: يخفض الأسبيرين نسبة الحمض اليوريك، وعدم تناوله يزيد من احتمال ارتفاع الحمض اليوريك.
غالباً ما يظهر النقرس كنوبات حادة مؤلمة جداً. يظهر النقرس للمرة الأولى كنوبة ألم حاد وشديد، في أحد المفاصل. وأكثر المفاصل عرضة للاصابة هو المفصل اللذي يصل ابهام الرجل بالقدم. كما أن النوبة الأولى تحدث عادةً في منتصف الليل، ويكون الألم شديداً لدرجة لا يحتمل فيها المريض الألم اذا ما لُمس المفصل. يكون المفصل متورماً، ساخناً ومُحمراً، ما يعني وجود الالتهاب فيه. قد يؤدي داء النقرس لالام في مفاصل أخرى كمفاصل الأرجل، الركبة، الكاحل، اليدين، والمرفق. يستمر الألم في المفصل لمدة 3-10 أيام، ويتوقف بعدها لوحده، ليعود المفصل لوضعه الطبيعي.
التاريخ الطبيعي لداء النقرس
يبدأ داء النقرس بنوبة أولى حادة لدى الرجال في سن الأربعين، وقد تتكرر هذه النوبات اذا لم يُقدم العلاج المناسب ولم يتم منعها.
تظهر النوبة الثانية بعد فترة تترواح بين عشرة أشهر لعشرة سنوات، والنوبة الثالثة تظهر بعد الثانية بفترة تتراوح بين ستة أشهر حتى سنة. بعد النوبة الثالثة فان النوبات القادمة تظهر بوتيرة مرتفعة ويصبح داء النقرس مزمناً، كما أنها تؤدي لتدمير المفصل ولفقدانه لوظيفته وقدرته على الحركة.
كلما ازدادات النوبات وتكررت، تضررت مفاصل أخرى وظهر المرض في مفاصل غير المفصل للاصبع الكبير للأرجل.
الأعراض غير المفصلية
عدا عن الالتهاب الحاد والألم، والذي يُميز داء النقرس، فان داء النقرس يؤدي للأعراض التالية في حال المرض المُزمن:
· التوف (tophi): وهي عبارة عن تراكم الحمض اليوريك تحت الجلد، حتى يبرز كقطع صلبة. يُلاحظ غالباً في المفاصل ويؤدي لتضخمها، أو في الأذنين.
· حصى الكلى: وذلك بسبب تراكم الحمض اليوريك في الكلى، ويُصابون به نسبة قليلة من مرضى النقرس.
يعتمد تشخيص داء النقرس على شكاوي المريض والفحص الجسدي، لذا عليك التوجه للطبيب اذا ما واجهك ألم النقرس المميز، أو ظهرت علامات الالتهاب على المفصل. قد يستعين الطبيب ببعض الفحوصات للتأكد من الحالة، حيث يمكن الاستعانة بالفحوصات التالية:
· شفط سائل المفصل الزليلي (joint fluid needle aspiration): كل مفصل يحوي كمية صغيرة من السائل، تزداد اذا ما حدث التهاباً فيه. يتم شفط السائل من المفصل المُصاب بواسطة الابرة وأخذ عينة. من ثم يُمكن تحليل السائل في المختبر. يتميز داء النقرس بالنتائج التالية في السائل:
وجود بلورات حمض اليوريك على شكل ابرة حادة.
وجود كريات الدم البيضاء.
تؤكد هذه النتائج للطبيب وجود داء النقرس.
· نسبة الحمض اليوريك في الدم: وغالباً ما تكون مرتفعة، الا أنها قد تكون طبيعية أو منخفضة في بعض الحالات.
· صورة الأشعة: لا يساعد تصوير المفصل بالأشعة عند النوبة الحادة، لكن يمكن ملاحظة اثار التدمير للمفصل في الحالات المزمنة.
يتكون علاج النقرس من قسمين:
· علاج النوبة الحادة لداء النقرس وتخفيف الألم.
· تقليل نسبة الحمض اليوريك، للوقاية من تكرار النقرس.
علاج النوبة الحادة
علاج النوبة الحادة لداء النقرس تهدف لتخفيف الألم، ويتم العلاج بالأدوية التالية:
· مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDS- non steroidal anti inflammatory drugs): وتعمل هذه الأدوية كمضادة للالتهاب وتخفف الألم الناتج منه.ممنوع منعاً باتاً استعمال الأسبيرين. هي الأدوية الأكثر استعمالاً، لكن مفضل عدم استعمالها في الحالات التالية:
وجود قرح في المعدة.
وجود مرض كلى، وبالذات فشل الكلى.
· الكولخيتسين (Colchicine): ويعمل على تخفيف الألم والالتهاب. الأعراض الجانبية هي الاسهال ويجب ايقاف الدواء اذا ظهر الاسهال. يتم استعماله أيضاً للوقاية من تكرار نوبات داء النقرس.
· الستيرويد (Steroids): يعمل الستيرويد كمضاد للالتهاب ويخفف الألم. يُمكن حقن الستيرويد للمفصل المصاب بالنقرس مباشرةً. يتم استعماله اذا لم تُساعد الأدوية أعلاه.
· الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH- adrenocorticotropic hormone): ويتم حقنه لداخل العضلة. يُستعمل في حال اصابة عدة مفاصل بالنوبة الحادة لداء النقرس، أو في حال وجود مضادات لاستعمال مضادات الالتهاب اللاستيرويدية أو الكولخيتسين (Colchicine).
عادةً ما تؤدي جميع الأدوية لتخفيف الألم ووقفه خلال يومين أو ثلاثة.
العلاج لتقليل نسبة الحمض اليوريك
يهدف العلاج لتقليل نسبة الحمض اليوريك للوقاية من نوبات متكررة لداء النقرس. يبدأ العلاج لتقليل نسبة حمض اليوريك، بعد النوبة الحادة بأسبوعين. ولا يجب البدأ به خلال النوبة الحادة لداء النقرس.
هدف العلاج هو الحفاظ على نسبة حمض اليوريك، لأقل من 5-6 ملغم/ ديتسيلتر في الدم، للوقاية من تكرر نوبات داء النقرس. ويتكون العلاج من أمرين:
· تغيير نمط الحياة وتقليل عوامل الخطورة، ويعتمد تغيير نمط الحياة على:
تغيير التغذية، حيث يجب التقليل أو وقف تناول اللحوم، الأسماك، الكحول والبيرة. بالمقابل يجب زيادة تناول الخضار، الفواكه، والتغذية قليلة الدهون.
علاج ضغط الدم المرتفع.
النشاط البدني وخفض الوزن الزائد.
علاج أمراض الكلى.
عدم تناول الأدوية التي تزيد من نسبة الحمض اليوريك.
· العلاج بالأدوية التي تعمل على خفض نسبة الحمض اليوريك. يبدأ العلاج بالأدوية اذا لم يساعد تغيير نمط الحياة على خفض نسبة حمض اليوريك. يجب استعمال الأدوية أيضاً في الحالات التالية:
حدوث أكثر من نوبتين.
نسبة الحمض اليوريك أكثر من 9 ملغم/ ديتسيلتر في الدم.
وجود حصى الكلى.
وجود التهاب داء النقرس المزمن.
وجود التوف (tophi).
قد تسبب الأدوية تكرار نوبات داء النقرس في بداية استعمالها، لذا يجب البدأ باستعمال الأدوية، بعد البدأ بتناول الكولخيتسين (Colchicine)، للوقاية من تكرار نوبات داء النقرس.
ان العلاج بالأدوية لخفض نسبة حمض اليوريك هو علاج لكل الحياة ولا يجب التوقف عن تناول هذه الأدوية.أبرز الأدوية التي يتم استعمالها هي:
بروبينكئيد (Probenecid): ويعمل على افراز الحمض اليوريك في الكلى. لذا لا يُستخدم اذا وجد مرض في الكلى أو فشل الكلى.
ألوبورينول (Allopurinol): ويعمل على تقليل انتاج الحمض اليوريك في الجسم. يمكن استخدامه لمرضى الكلى. الأعراض الجانبية غير شائعة، لكن يجب الانتباه لها وأهمها:
1 الطفح الجلدي.
2 التهاب الكبد.
3 فشل الكلى.