التهاب القصيبات
التهاب القصيبات (Bronchiolitis) هو التهاب يصيب الأطفال، وخاصةً الرضع والأطفال أصغر من سنتين. الفيروسات هي السبب الأساسي للالتهاب القصيبات. يؤدي الالتهاب لانسداد القصيبات (وهي أحد أجزاء جهاز التنفس الموجود داخل الرئتين) بشكل كامل أو جزئي مما يؤدي للصفير لدى الأطفال. الصفير، الحرارة المرتفعة والسعال هي أبرز أعراض التهاب القصيبات. قد يؤدي التهاب القصيبات لعدة مضاعفات وأبرزها انخفاض نسبة الأوكسجين في الدم لدى الطفل. كما أن التهاب القصيبات سبب رئيسي للمكوث في المستشفى. يشمل علاج التهاب القصيبات عدة طرق للحفاظ على اتزان السوائل والتنفس لدى الأطفال. تتحسن حالة الأطفال المصابين بالتهاب القصيبات خلال يومين أو أكثر، لكن الصفير قد يستمر لمدة أسابيع. يشتد التهاب القصيبات على المواليد الجدد وعلى الأطفال الرضع، أو في حال وجود مرض في القلب أو الرئتين لدى الطفل. من المهم تشخيص وعلاج حالات التهاب القصيبات الشديدة لتفادي المضاعفات.
يصيب التهاب القصيبات الأطفال حتى سن السنتين، وخاصةً الأطفال ما بين سن الشهرين ونصف السنة. بعد السنة الأولى من حياة الأطفال، تقل نسبة الاصابات بالتهاب القصيبات بشكل بارز.
بشكل تقليدي فان الفيروسات هي التي تسبب التهاب القصيبات، ويُعتبر الفيروس التنفسي المخلوي (RSV- Respiratory Syncytial Virus) السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب القصيبات. وينتشر الفيروس التنفسي المخلوي خلال فصل الشتاء. تشير الاحصائيات أن معظم الأطفال يصابون بالفيروس التنقسي المخلوي حتى سن الثالثة، لكن معظم الاصابات بالفيروس بسيطة، ولا يصاب جميع الأطفال بالتهاب القصيبات. نشير الى أن الأطفال أكبر من سنتين يصابون أيضاً بعدوى الفيروس التنفسي المخلوي، الا أنهم لا يصابون بالتهاب القصيبات نتيجة ذلك، انما يصابون بالزكام أو الصفير الطفيف ولا حاجة لعلاج معظم الحالات.
فيروسات أخرى قد تؤدي لالتهاب القصيبات:
· فيروس الانفلونزا (Influenza Virus).
· فيروس نظير الانفلونزا (Parainfluenza Virus).
· الفيروس الغداني (Adenovirus).
من الجدير بالذكر أن التهاب القصيبات هو مرض معد جداً، وينتشر عن طريق لمس الافرازات من جهاز التنفس كالهواء المليء بالفيروسات أو اللعاب. رغم أن السعال قد ينقل العدوى أحياناً، الا أن اللمس هي الطريقة الأبرز لنقل العدوى. يصاب الأطفال بالتهاب القصيبات بعد انتقال العدوى الفيروسية من أحد أفراد العائلة، حيث يشكو الأخير من أعراض زكام بسيطة.
تظهر أعراض التهاب القصيبات بعد عدة أيام من اعراض الزكام كالسعال الطفيف، الحرارة المرتفعة، فقدان الشهية لدى الطفل، تهيج الطفل. عند تقدم التهاب القصيبات قد تظهر أعراض جديدة:
· التنفس السريع أي 60-80 نفس في الدقيقة الواحدة.
· الصعوبة في التنفس.
· الصفير والذي قد يستمر لعدة أيام أو حتى لأسابيع.
· السعال المستمر وقد يستمر لعدة أيام وحتى أسبوعين.
· صعوبة تناول الطعام والشراب مما قد يؤدي للجفاف.
علامات التهاب القصيبات الشديد هي:
· انكماش الجلد المحيط بالأضلاع.
· اتساع فتحات الأنف.
· الشخير.
· انقطاع التنفس.
وتدل هذه العلامات على صعوبة التنفس لدى الطفل، وفي الحالات الشديدة جداً قد يؤدي الأمر لعدم القدرة على التنفس كلياً.
يؤدي التهاب القصيبات الشديد لعدة مضاعفات، رغم أن معظم الأطفال لا يشكون من أية مضاعفات لالتهاب القصيبات. انقطاع التنفس (Apnea) هو أهم وأخطر المضاعفات التي قد يؤدي لها التهاب القصيبات، وقد يكون انقطاع التنفس العلامة الأولى لالتهاب القصيبات، خاصةً لدى الأطفال الرضع وقبل سن الشهرين. التنفس السريع وصعوبة التنفس لدى الأطفال المصابين بالتهاب القصيبات قد يؤدي لانخفاض نسبة الأوكسجين في دم الطفل، مما يؤدي لنقص الأوكسجين في الأعضاء المختلفة. علامات نقص الأوكسجين لدى الأطفال تشمل زراق أطراف الأصابع واللسان والشفتين، التنفس السريع، الشخير.
غالباً ما يتم تشخيص التهاب القصيبات لدى الأطفال تبعاً للتاريخ المرضي والفحص الجسدي، ولا حاجة لاجراء اختبارات الدم أو التصوير بالأشعة السينية في معظم الحالات. كما أن معظم الاختبارات تنقصها النوعية لتشخيص التهاب القصيبات. رغم ذلك تُجرى بعض الاختبارات لتقييم شدة التهاب القصيبات:
· تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count): اختبار دم بسيط يُجرى لملاحظة ارتفاع في كريات الدم البيضاء مما يدل على وجود التهاب في الجسم.
· غازات الدم الشرياني (ABG- Arterial Blood Gases): اختبار دم بسيط اخر. من المهم اجراء الاختبار عند وجود التهاب القصيبات الشديد، وذلك للاطلاع على نسبة الأوكسجين في الدم.
· اختبار مضادات الفيروسات: يُمكن اختبار مضادات الفيروسات في الدم، وهي أجسام مضادة يُفرزها الجسم لمحاربة الفيروسات وابعادها. ويساعد الاختبار على تشخيص الفيروس المصاب به الطفل، والتأكد من تشخيص التهاب القصيبات.
· التصوير بالأشعة السينية للصدر (CXR- Chest X-Ray): اختبار تصويري يتم فيه تصوير صدر الطفل بالأشعة السينية. ويساعد الاختبار على رؤية رئتي الطفل، وملاحظة علامات تدل على التهاب القصيبات. كما يساعد الاختبار على استبعاد أمراض أخرى ذو أعراض مشابهة لالتهاب القصيبات.
يكون علاج التهاب القصيبات بالعلاج الداعم فقط، حيث أن جهاز المناعة لدى الطفل يستطيع التغلب على الفيروسات وابعادها من الجسم. لكن يبقى من المهم تقديم العلاج الداعم للطفل، معالجة الأعراض وتفادي المضاعفات.
مراقبة الطفل
من المهم مراقبة الطفل في البيت، ويشمل الأمر متابعة أعراض وعلامات الطفل. يجب التوجه للطبيب في حال تدهور حالة الطفل أو ازدياد الأعراض أو العلامات. من المهم متابعة التنفس، وتيرة التنفس، علامات الصعوبة في التنفس، اتساع فتحات الأنف، الزراق، وأعراض أخرى قد تدل على مرض شديد.
علاج الحرارة المرتفعة
يُمكن علاج الحرارة المرتفعة بأدوية خافضة للحرارة مثل الأتسيتومينوفين (Acetaminophen)، الايبوبروفين (Ibuprofen) وغيرها من الادوية المتوفرة في الأسواق. من المهم استشارة طبيب الأطفال حول تناول الأدوية الخافضة للحرارة.
قطرات الأنف
قطرات الأنف المعدة من الماء المخلوط بالملح تساعد على التخفيف من الزكام لدى الأطفال مما يسهل التنفس لدى الأطفال.
السوائل
تناول السوائل بكمية كافية هو أمر مهم لعلاج الطفل المصاب بالتهاب القصيبات. في الكثير من الأحيان قد يسبب التهاب القصيبات الجفاف لدى الأطفال، لذا من المهم تناول السوائل لتعويض الطفل عن كمية السوائل المفقودة. لا حاجة لتناول السوائل بكثرة، انما من المهم تناول كمية كافية من السوائل للوقاية من جفاف الطفل. اذا ما رفض الطفل تناول السوائل، كانت كمية البول قليلة أو استمر بالسعال أو القيء، يجب استشارة الطبيب.
امكانيات علاج أخرى كالأدوية المضادة للسعال، المهدئات أو المضادات الحيوية غير ناجعة في علاج التهاب القصيبات ولا حاجة لاستخدامها. نشير الى ان السعال طريقة لاخراج الافرازات من الرئتين، لذا لا حاجة لعلاجه. عند شفاء القصيبات والرئتين، فان السعال يتوقف. بالنسبة للمضادات الحيوية فانها عديمة النجاعة في علاج التهاب القصيبات، نظراً لأنها أدوية تُستخدم لمحاربة الجراثيم ولا تؤثر على الفيروسات.
العلاج في المستشفى
ما يقارب 2-3% من الأطفال المصابين بالتهاب القصيبات يحتاجون للمكوث في المستشفى خلال فترة علاج التهاب القصيبات. يشمل العلاج في المستشفى مراقبة الطفل، الحفاظ على تناول السوائل، الحفاظ على نسبة الأوكسجين في الدم. خلال مكوث الطفل في المستشفى، من المهم عزله عن باقي المرضى. يجب اتباع تعليمات العزل نظراً لأن فيروسات التهاب القصيبات تُعتبر معدية جداً. لذا من المفضل أن يزور الطفل والديه فقط، ومن غير المحبذ أن يزوره أشخاص اخرين. كما من المهم غسل اليدين قبل وبعد لمس الطفل أو بيئته، ويقلل غسل اليدين من انتقال الفيروسات بشكل ملحوظ جداً. كما يُنصح بمكوث الطفل في ذات الغرفة حتى انتهاء المرض.
اذا ما كان الطفل غير قادر على تناول الطعام أو الشراب خلال فترة مكوثه في المستشفى، فان الأمر قد يؤدي للجفاف ولازدياد وتيرة التنفس مما يزيد من صعوبة التنفس. في هذه الحالات ينبغي تناول التغذية والسوائل عن طريق الوريد.
يحتاج التهاب القصيبات الشديد لعلاج كامل لشفاء الطفل منه، وقد يتطلب الأمر تناول بعض الأدوية التي تعمل على توسيع القصيبات الهوائية، مما يمنع انسدادها وبذلك يستطيع الطفل التنفس بشكل أفضل. تُسمى هذه الأدوية بالموسعات القصبية (Bronchodilators)، ويتم تناولها مباشرةً الى الفم لتتغلغل الى القصبة الهوائية ومن ثم للقصيبات. كما يحتاج الطفل للعلاج بالأوكسجين في حال انخفاض نسبة الأوكسجين في الجسم بشكل دائم. ويتم ذلك بواسطة قناع أو أنبوب يوضع على الأنف أو الفم ويزود الطفل بالأوكسجين. يتم مراقبة نسبة الأوكسجين في الدم. في الحالات المستعصية لالتهاب القصيبات (وهي نادرة) وفي حال عدم قدرة الطفل على التنفس، قد تكون حاجة لانعاش الطفل ولمساعدته على التنفس بواسطة ادخال أنبوب للحلق. يوصل الأنبوب بجهاز التنفس الذي يزود الطفل بالأوكسجين والهواء ليقوم بالتنفس. يمكث الأطفال في المستشفى لعدة أيام قبل عودتهم للبيت.
كما ذُكر اعلاه فان التهاب القصيبات هو مرض معدي جداً، وقد يكون خطيراً في بعض الأحيان. لذا من المهم الوقاية من التهاب القصيبات وتفادي الاصابة به. هناك عدة طرق للوقاية من التهاب القصيبات:
- عدم التدخين بجانب الطفل، لأن الأمر يزيد من احتمال الاصابة بالتهابات في جهاز التنفس.
- غسل اليدين: يُعتبر غسل اليدين حجر الأساس في الوقاية، فهو يقتل الفيروسات الموجودة على اليدين وبذلك يمنع انتقالها. من المهم غسل اليدين قبل لمس الطفل لعدم نقل العدوى اليه.
- المستحضرات المليئة بالكحول، والتي تُستخدم لغسل اليدين، هي طريقة ممتازة للحفاظ على النظافة في حال عدم القدرة على غسل اليدين. في حال ملاحظة أوساخ مرئية للعين على اليدين، يجب غسل اليدين بالماء والصابون.
- ابعاد الأطفال الاخرين عن طفلكم لوقايتهم، وابعاد طفلكم عن أطفال اخرين مرضى لوقايته من العدوى.
- يُمكن للطفل أن يبقى في البيت اذا ما كانت المدرسة أو الحضانة مليئة بالأطفال المرضى، لوقايته من عدوى التهاب القصيبات.
- التطعيمات: بعض التطعيمات تقلل من الاصابة بالتهاب القصيبات:
لقاح الانفلونزا: يُنصح بتلقي لقاح الانفلونزا قبل سن الخامسة، وبعد سن ستة أشهر. يقلل الأمر من احتمال الاصابة بالتهاب القصيبات اثر عدوى فيروس الانفلونزا. يتوفر اللقاح قبل فصل الشتاء.
لقاح الفيروس التنفسي المخلوي (RSV Vaccination): لقاح يُعرف باسم باليفيزوماب (Palivizumab) وهو عبارة عن أجسام مضادة للفيروس التنفسي المخلوي، ويحمي الرئتين من الاصابة بالتهاب القصيبات. ويتم تناول حقنة اللقاح شهرياً منذ خمسة أشهر قبل فصل الشتاء. هناك بعض الأعراض الجانبية لقاح الفيروس التنفسي المخلوي، الا أنها قليلة الحدوث. يُنصح بتناول لقاح الفيروس التنفسي المخلوي في الحالات التالية: سن الطفل أصغر من سنتين، يشكو الطفل من أمراض الرئة المزمنة، يشكو الطفل من أمراض القلب الخلقية، الأطفال الخدج.
إذا ما تفاقمت علامات التهاب القصيبات أو أصبح التهاب القصيبات شديداً، ينبغي التوجه إلى عناية طبية فورية. وهذا يشمل:
- صعوبة في التنفس.
- شحوب أو زراق الجلد.
- نوبات السعال الحاد.
- انكماش الجلد المحيط بالأضلاع.
- إذا توقف الطفل عن التنفس.
الآباء والأمهات، لا تحاول أخذ أطفالكم إلى المستشفى لوحدكم في حال ظهور علامات التهاب القصيبات الشديد. انما ينبغي استدعاء خدمات الطوارئ الطبية.
وينبغي أن يكون الأصل استدعاء الطبيب للطفل في حال:
- الطفل يعاني من الحرارة المرتفعة (درجة الحرارة أعلى من 38 درجة مئوية)، وخاصة للرضع الذين تقل أعمارهم عن 90 يوما.
- الطفل لديه علامات أو أعراض التهاب القصيبات.
- الطفل لديه صعوبة في التغذية.
- يبول الطفل أقل من المعتاد.