الزرق (Glaucoma)
الزرق (Glaucoma) حالة تؤدي لارتفاع الضغط داخل العين (Intraocular Pressure)، لضرر مستمر للعصب البصري (Optic Nerve) ولفقدان ألياف العصب ولفقدان حقل الرؤية كنتيجة لذلك. يُعتبر الزرق السبب الأكثر شيوعاً في العالم لفقدان البصر الدائم، وتُقدر نسبة انتشار المرض بحوالي 2-3%. تزداد نسبة انتشار الزرق عند التقدم في السن وتصل الى أكثر من 7% بعد سن السبعين. تتميز أعراض الزرق بفقدان البصر في مناطق محددة من حقل الرؤية، وهذه الأعراض مميزة للمرض. يتم علاج مرض الزرق بالأدوية أو بالمعالجة الجراحية.
· ارتفاع الضغط داخل العين.
· التاريخ العائلي للزرق.
· الجيل: التقدم في السن يزيد من احتمال الاصابة بالزرق.
· العرق: سود البشرة معرضون للاصابة بالزرق أكثر من غيرهم.
· قصر النظر.
· السكري.
· ضغط الدم المرتفع.
· الصدع النصفي (Migraine).
· التصلب العصيدي (Atherosclerosis).
يصيب الزرق العين في حال تحقق الشروط التالية:
· ارتفاع الضغط داخل العين.
· ضرر للعصب البصري.
· ضرر لحقل الرؤية.
الضغط داخل العين - يتعلق الضغط داخل العين بكمية السائل الموجود داخلها وبقدرة العين على افراز وصرف السوائل من العين، فيزداد الضغط عند ارتفاع كمية السوائل. في حال الزرق توجد مشكلة في صرف السائل من العين مما يؤدي لتراكمه ولارتفاع الضغط داخل العين. تتراوح قيم الضغط داخل العين ما بين 10-12 ملم زئبق. كلما ارتفع الضغط داخل العين ازدادت شدة الزرق، الا أن الزرق قد يصيب العين عند ارتفاع طفيف للضغط وهناك اختلاف بين الأشخاص. يؤدي الضغط داخل العين لألم في العين عندما يرتفع عن 40-50 ملم زئبق، لكن معظم حالات الزرق لا تحقق هذه القيم ولهذا السبب فان معظم الأشخاص المصابين بالزرق لا يشعرون بأية ألم خلال اصابتهم بالمرض. يُقاس الضغط داخل العين بواسطة جهاز خاص يسمى مقياس توتر العين المنسوب لغولدمان (Goldmann Tonometer) يستخدمه أطباء العيون. نذكر أن الضغط داخل العين المرتفع لا يعني وجود الزرق انما هو من عوامل الخطورة ويتحقق الزرق في حال تحقق باقي الشروط.
العصب البصري - يؤدي الزرق لضمور العصب البصري ولفقدان ألياف العصب وذلك اثر الضغط الميكانيكي على العصب البصري، الضرر للأوعية الدموية التي تغذي العصب البصري وتراكم مواد سامة للعصب البصري في حال اصابة العين بالزرق.
حقل الرؤية - يؤدي الضرر لعصب الرؤية لفقدان أجزاء من حقل الرؤية، بحيث لا يرى الشخص المصاب بالزرق هذه الأجزاء. الأجزاء المفقودة من حقل الرؤية تميز الزرق عن أمراض أخرى تصيب حقل الرؤية:
· اصابة حقل الرؤية القريب للأنف ويسمى الدرجة الأنفية (Nasal Step).
· العتمة المقوسة (Arcuate Scotoma): عتمة في حقل الرؤية تتخذ شكل القوس.
· الرؤية النفقية (Tunnel Vision): فقدان الرؤية خلال الزرق يبدأ من محيط حقل الرؤية ويضيقه لتصبح الرؤية محدودة في الوسط كالنفق، وما يُعرف باسم الرؤية النفقية.
من المهم أن نشير الى أن ضرر حقل الرؤية غير قابل للاصلاح ولا يُمكن اعادته بعد فقدانه، لذا من المهم متابعة حقل الرؤية وفحصه باستمرار لدى طبيب العيون.
يُمكن تصنيف الزرق وفقاً لعدة معايير- سن المريض، مرحلة المرض، مبنى زاوية العين، مدة المرض وغيرها. التصنيف الأكثر استخداماً:
الزرق الأولي (Primary Glaucoma)- النوع الأكثر انتشاراً. يُمكن تصنيف الزرق الأولي وفقاً لوضعية زاوية العين- والقصد للزاوية التي تقع في نهاية الغرفة الأمامية للعين (Anterior Chamber of Eye) والتي تعمل على صرف سوائل العين:
· الزرق مفتوح الزاوية الأولي (Primary Open Angle Glaucoma): يُشكل ثلثي حالات الزرق والأكثر شيوعاً. يصيب الأشخاص في سن الأربعين وغالباً ما يصيب كلتا العينين، وقد تكون الاصابة غير متساوية بينهما.
· زرق انسداد الزاوية الأولي (Primary Closed Angle Glaucoma): يصيب الأشخاص ذوي العيون الصغيرة، ومع تقدم السن تتضخم عدسة العين ويؤدي الأمر لعدم توازن بين حجم العدسة وحجم العين، فتُغلق زاوية غرفة العين الأمامية وتنسد. اثر انسداد الزاوية يقل تصريف السوائل من العين ويرتفع الضغط داخل العين. غالباً ما يؤدي الأمر الى أعراض حادة وشديدة- ألم الرأس والعين، الغثيان، القيء، احمرار العين، وعدم وضوح الرؤية. يصيب هذا النوع من الزرق كبار السن- ستون سنة وما فوق- ويحتاج الأمر للعلاج الفوري.
الزرق الثانوي (Secondary Glaucoma)- حالات الزرق التي تصيب العين اثر وجود عوامل وأسباب أولية ويُمكن تصنيف الزرق هنا وفقاً لحالة الزاوية أيضاً. الأسباب الأولية التي تؤدي للزرق الثانوي:
· التهاب العنبية (Uveitis).
· الستيرويد (Steroids).
· اصابة العين.
· العدسات اللاصقة.
· أورام العين.
تتعلق أعراض الزرق بنوع المرض. وقد يكون الزرق عديم الأعراض في العديد من الحالات وقد يؤدي لأعراض حادة وشديدة أو لأعراض مزمنة ومستمرة. غالباً ما تكون حالات الزرق مفتوح الزاوية عديمة الأعراض لمدة طويلة وبعدها تؤدي لفقدان الرؤوية المحيطية في حقل الرؤية، ودون علاج تتقدم هذه الحالات لفقدان البصر الكلي. أما حالات زرق انسداد الزاوية تؤدي لأعراض حادة وشديدة وتشمل ألم الرأس والعين، الغثيان، القيء، عدم وضوح الرؤية، واصابات حقل الرؤية المميزة للزرق – المذكورة أعلاه. زرق انسداد الزاوية قد يؤدي لأعراض مزمنة مشابهة لأعراض الزرق مفتوح الزاوية.
يعتمد تشخيص حالات الزرق على التاريخ المرضي في حال وجود الأعراض، وتكمن صعوبة تشخيص الزرق في حال انعدام الأعراض. لذا فان الاختبارات التي يُجريها أطباء العيون تحمل فائدة كبيرة في تشخيص الزرق. يُنصح باجراء فحص العيون للتحري في حال وجود عوامل خطورة للزرق. قد يقوم طبيب العيون بوضع قطرات العين الموسعة للبؤبؤ لاجراء الاختبارات أدناه.
مقياس توتر العين المنسوب لغولدمان (Goldmann Tonometer)- يُستخدم لقياس الضغط داخل العين.
اختبار حقل الرؤية (Vision Field Testing)- اختبار يهدف لمعرفة الحقل الذي يشاهده الشخص المفحوص، بحيث يجلس الشخص المفحوص أمام جهاز خاص يُطلق نقط ضوئية على مسطح أبيض، ويشير الشخص المفحوص - بواسطة الجهاز- في حال رؤية هذه النقط. بناءً على ذلك يُمكن رسم تخطيط كامل لحقل الرؤية المركزي والمحيطي، ويُمكن تشخيص عتمات في حقل الرؤية كتلك المميزة للزرق.
تنظير العين (Ophthalmoscopy)- منظار خاص يستخدمه الطبيب لرؤية شبكية العين، عصب الرؤية والأوعية الدموية والهدف من الفحص هو ملاحظة ومتابعة مدى الضرر للعصب البصري.
تنظير الزاوية العينية (Goinoscopy)- جهاز تنظير اخر يساعد الطبيب على رؤية الغرفة الأمامية للعين وتحديد مدى انسداد الزاوية العينية (في حال انسدادها)، والهدف هو تشخيص زرق انسداد الزاوية.
يهدف علاج الزرق لعلاج المركبات الثلاث الأساسية للزرق:
· تحقيق الضغط السليم داخل العين، ويتعلق الضغط بسن المريض، عوامل الخطورة ومدى تقدم حالة الزرق.
· دعم انسياب الدم لعصب الرؤية.
· الحفاظ على عصب الرؤية من أضرار أخرى.
امكانيات العلاج هي الأدوية، المعالجة بالليزر والمعالجة الجراحية- تبعاً لهذا الترتيب.
الأدوية
تُستخدم عدة ادوية لعلاج الزرق ومعظمها كقطرات موضعية، ويُمكن تناول الأدوية عند الحاجة.
محصرات مستقبلات البيتا (Beta Blockers)- القطرات المتوفرة من هذه الفئة تشمل التيمولول (Timolol). وتعمل محصرات مستقبلات البيتا على تقليل افراز السوائل في الغرفة الأمامية للعين مما يقلل من الضغط داخل العين. من أبرز الأعراض الجانبية: ضغط الدم المنخفض، اضطراب نظم القلب البطئي.
مناهضات مستقبلات الألفا (Alpha Agonists)- مثل مادة البريمونيدين (Brimonidine)، وهي الأخرى تعمل على تقليل افراز السوائل في الغرفة الأمامية للعين مما يقلل من الضغط داخل العين.
المواد كولينية الفعل (Cholinergic Agents)- الأكثر شهرة من بينها هي مادة البيلوكاربين (Pilocarpine) والتي تقلص الجسم الهدبي (Ciliary Body) في العين وبذلك توسع الزاوية العينية وتقلل من الضغط داخل العين. تُستعمل هذه المواد خاصةً في حال زرق انسداد الزاوية.
مثبطات الانهيدراز الكربونية (Carbonic Anhydrase Inhibitors)- الانهيدراز الكربونية هو انزيم في العين والكلى، وتثبيط هذا الانزيم يزيد من صرف السوائل من العين. تتوفر مثبطات الانهيدراز الكربونية كقطرات للعيون – دورزول أميد (Drozolamide)- أو كحبوب – اتسيتازول أميد (Acetazolamide).
مناهضات البروستاجلاندين (Prostaglandins Analogues)- اللاتانابروست (Latanoprost) هو الممثل لهذه الفئة والتي تؤدي لصرف السوائل من العين بطريقة مختلفة عن باقي الأدوية. من أبرز الأعراض الجانبية احمرار العين، الكوابيس والشعور بأعراض مشابهة للانفلونزا.
يُمكن تناول قطرات العيون حتى 4 مرات في اليوم، ويُمكن استخدام عدة أنواع من القطرات- تبعاً لتعليمات الطبيب. من المهم أن نشير الى أن قطرات العيون قد تؤدي لأعراض جانبية عامة وليس فقط موضعية.
في الحالات الحادة والمستعجلة للزرق يُمكن تناول الحبوب او العلاج بأدوية عن طريق الوريد والتي تقلل من الضغط داخل العين، وأبرز هذه الأدوية هو المانيتول (Manitol)- يزيد من صرف السوائل من العين ويقلل من الضغط داخل العين. نظراً للأعراض الجانبية ولشدة تأثير الادوية عن طريق الوريد فان استعمالها يكون فقط في المستشفيات وتحت مراقبة الطاقم الطبي.
المعالجة بالليزر
امكانيتان للمعالجة بالليزر:
رأب التربيق (Trabeculoplasty)- اجراء بالليزر يهدف لصنع ندبات في التربيق (Trabecular Mesh)- نسيج محيط بالزاوية العينية واليه تُصرف معظم السوائل من الغرفة الأمامية العينية- مما يؤدي لتقليص النسيج من حول التربيق وبذلك تتوسع فنوات الصرف في التربيق وتُصرف السوائل من العين بسرعة أكبر.
بضع القزحية (Iridotomy)- اجراء اخر بواسطة الليزر هدفه صنع فتحة في القزحية (Iris) وذلك لمنع تراكم السوائل والسماح لها بالمرور عبر الغرفة الأمامية للعين. يُجرى بضع القزحية لمعالجة زرق انسداد الزاوية.
المعالجة الجراحية
استئصال التربيق (Trabeculectomy)- عملية جراحية لاستئصال التربيق وذلك لصنع مصرف طبيعي بين غرفة العين والملتحمة. بذلك تنصرف جميع السوئل الى الملتحمة. من مضاعفات العملية الجراحية: النزيف، العدوى، الساد، عدم نجاح العملية والحاجة لعمليات أخرى.
توجد عمليات جراحية أخرى تساعد على تقليل كمية السوائل التي تُفرز في العين، وصنع طرق أخرى لصرف السوائل الا أنها أقل استخداماً.