القرحة الهضمية
القرحة الهضمية هو مرض تظهر فيه قرح أو جروح في الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي. غالباً يكون داء القرحة الهضمية في المعدة أو معي الاثني عشر. يؤدي داء القرحة الهضمية الى ألم البطن الحارق وأعراض أخرى. جرثومة المعدة او الجرثومة الملوية البوابية (Helicobacter Pylori) – نوع من الجراثيم- والأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، هي الأسباب الرئيسية لداء القرحة الهضمية. من المهم تشخيص وعلاج داء القرحة الهضمية لتجنب المضاعفات التي قد تُشكل خطراً على الحياة. يُعالج داء القرحة الهضمية بالأدوية أو المعالجة الجراحية، وتنجح العلاجات في أغلب الحالات في تفادي المضاعفات والخطورة.
يُصيب داء القرحة الهضمية ملايين الأشخاص سنوياً، وتشير الاحصائيات أنه يصيب ما يقارب 4 ملايين شخص سنوياً في الولايات المتحدة لوحدها. يُصيب داء القرحة الهضمية الرجال أكثر من النساء وتُقدر نسبة انتشاره بـ 12% من الرجال و 10% من النساء.
المعدة
عضو من الجهاز الهضمي، والذي يرتبط بالمريء في بدايته، والمعي الاثني عشر (Duodenum) في نهايته. تعمل المعدة على هضم الطعام وتحليله لكي يمر للأمعاء الدقيقة حيث يُمتص الى الجسم. تُقسم المعدة الى عدة مناطق وهي:
· قاع المعدة (Fundus): وهو الجزء الأقرب للمريء.
· جسم المعدة وهو الجزء الأوسط والأكبر من جميع الأقسام.
· الغار (Antrum): الجزء ما قبل الأخير ويُصبح أضيق من جسم المعدة.
· الباب (Pylorus): الجزء الأخير الذي يرتبط بالاثني عشر، وهو ضيق. يعمل مثل باب يسمح بخروج الغذاء من المعدة الى الاثني عشر ومن هنا اتت تسميته.
للمعدة، ككل الجهاز الهضمي، عدة طبقات:
· الغشاء المخاطي (Mucosa).
· الطبقة تحت المخاطية (Submucosa): وتكمن أهميتها في ايصال الدم، الأوكسجين، الغذاء الى المعدة. كما أنها تحوي كريات الدم البيضاء التابعة لجهاز المناعة.
· الطبقات العضلية: حيث يوجد عدة طبقات من العضلات المرتبة بشكل خاص يساعد على الهضم.
يُبطن داخل المعدة بغشاء مخاطي (Mucosa) يعمل على افراز المخاط، السوائل، بروتينات وانزيمات لتحليل وهضم الطعام. كما أن الغشاء المخاطي في المعدة يعمل على افراز الحمض، مما يؤدي لوجود بيئة حمضية في المعدة. درجة الحموضة المرتفعة، انزيمات الهضم، الأدوية ومواد أخرى قد تضر بالغشاء المخاطي، الا أن الغشاء المخاطي في المعدة يملك وسائل عديدة لحماية نفسه والتأقلم مع هذه الظروف. بعض المواد التي تُنتجها طبقات الغشاء المخاطي، والتحت مخاطية تعمل على حماية الغشاء المخاطي من ضرر الحموضة، الأدوية وانزيمات الهضم. أبرز هذه المواد هي البروستاجلاندين (Prostaglandin).
الاثني عشر
الاثني عشر هو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة والذي يصل المعدة بباقي الأمعاء الدقيقة. يُجزء الاثني عشر الى أربعة أجزاء وتشمل الجزء الأول، الثاني، الثالث والرابع. يُبطن الاثني عشر بالغشاء المخاطي، ولا تصله الحموضة من المعدة.
أسباب عديدة تؤدي الى داء القرحة الهضمية، الا أن أبرز الأسباب هي:
· عدوى الجرثومة الملوية البوابية (Helicobacter Pylori).
· الأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية ( NSAIDS- Non Steroidal Anti Inflammatory Drugs).
سيتم التفصيل عن هذه الأسباب لاحقاً.
أسباب عديدة أخرى أقل أهمية وغير رئيسية، قد تؤدي لداء القرحة الهضمية وتشمل:
· التدخين: يُعتبر سبباً مهماً. بالاضافة الى أن التدخين يُسبب داء القرحة الهضمية، فانه يزيد من خطورة حدوث المضاعفات، يُعوق العلاج ويؤدي لتنكس القرحة الهضمية مرات عديدة.
· عوامل وراثية: أثبتت الدراسات وجود عوامل وراثية مسؤولة عن القرحة الهضمية، لكن هذه العوامل لم تُحدد بعد.
· نوع الدم: وُجد أن الأشخاص حاملي الدم من نوع دم O معرضين للاصابة أكثر من غيرهم، بداء القرحة الهضمية.
· الضغط النفسي الزائد.
· لا توجد علاقة واضحة بين نوع الطعام والشرب وبين داء القرحة الهضمية، بعكس ما هو مُعتقد.
· أمراض وحالات أخرى عديدة ترتبط بداء القرحة الهضمية الا أن أهميتها تقل كثيراً عن الأسباب الأساسية. تشمل هذه العوامل أمراض مزمنة مثل داء الأمعاء الالتهابي أو سرطان المعدة، عدوى، وأدوية.
عدوى الجرثومة الملوية البوابية (Helicobacter Pylori)
عدوى الجرثومة الملوية البابية هي العدوى المزمنة الأكثر انشاراً لدى البشر. تُسبب عدوى الجرثومة الملوية البابية معظم حالات داء القرحة الهضمية،. تُقدر الاحصائيات بأن 20-50% من الأشخاص يحملون عدوى الجرثومة الملوية البابية في معدتهم. تزداد هذه النسبة في الدول الفقيرة والعالم الثالث.
تنتقل عدوى الجرثومة الملوية البابية من شخص مصاب بها الى اخر عن طريق الفم، بالقبل، الطعام والشراب، وطرق أخرى. أو أنها تنتقل عن طريق التلامس. كما أن استعمال المراحيض المشترك بين شخص مصاب واخر غير مصاب، قد ينقل العدوى. تُعد الجرثومة الملوية البابية من نوع غرام سلبي (Gram Negative).
تُصيب عدوى الجرثومة الملوية البابية الأشخاص البالغين صغار السن، ونادراً ما تُصيب الأطفال. كما أن العدوى تُصيب الأشخاص ذوي الحالة المادية أو الاجتماعية السيئة. عدم الحفاظ على النظافة والكثافة السكانية العالية هي عوامل أخرى تزيد من احتمال انتقال عدوى الجرثومة الملوية البابية.
تنتقل الجرثومة الملوية البابية الى المعدة وخصوصاً الى قسم الباب (ومن هنا اسمها)، وتتواجد من تحت الغشاء المخاطي. ورغم وجود الحموضة العالية في المعدة، الا أن الجرثومة الملوية البابية تحمي نفسها من حموضة وانزيمات المعدة، وذلك بأنها تُنتج مواد خاصة لهذا الهدف. الجرثومة الملوية البابية تؤدي لتغييرات في الغشاء المخاطي وتُسبب له الضرر، كما أنها تُفرز مواد سامة ومُضرة للغشاء المخاطي. قد تضر هذه الأمور بالغشاء المخاطي مُباشرةً، أو أنها تُدمر الغشاء المخاطي، مما يُمكن للحموضة وانزيمات المعدة أن تُسبب الضرر مباشرةً للغشاء المخاطي والطبقات التالية. جميع هذه التغييرات تؤدي لالتهاب مُزمن في المعدة (Gastritis) أو في الاثني عشر (Duodenitis) والذي قد يكون عديم الأعراض. قد يتفاقم الالتهاب لُيسبب الأمراض التالية:
- داء القرحة الهضمية، في المعدة أو الاثني عشر. وهو الداء الذي غالباً تُسببه العدوى.
- اللمفومة، وتكون من نوع MALT.
- سرطان المعدة. الا أن هذه الحالات نادرة.
ليس كل من تعرض للجرثومة يُصاب بالأمراض.
الأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDS- Non Steroidal Anti Inflammatory Drugs)
يُعتبر داء القرحة الهضمية أحد الأعراض الجانبية لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية. يُصيب داء القرحة الهضمية 15-30% من الأشخاص اللذين يتناولون مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بشكل يومي. هذه الأدوية شائعة جداً ويمكن تناولها دون وصفة طبيب. رغم ذلك لا يُمكن القول أن كل من يتناول هذه الأدوية قد يُصاب بداء القرحة الهضمية. عوامل مُعينة تزيد من احتمال الاصابة بداء القرحة الهضمية مع تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية:
- اذا ما كان المريض كبير السن.
- استعمال عدة أدوية من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
- وجود داء القرحة الهضمية في السابق.
- جرعة كبيرة من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
- التدخين.
- المشروبات الكحولية.
- عدوى الجرثومية الملوية البابية بالمقابل.
تؤدي مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الى وقف انتاج المواد التي تحمي الغشاء المخاطي، البروستاجلاندين (Prostaglandin). كما أن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية تؤدي للضرر للغشاء المخاطي مُباشرةً. لذا يُنصح بتناول هذه الأدوية بعد الأكل.
اعتماداً على مكان القرحة، يُصنف داء القرحة الهضمية الى نوعين:
- قرحة المعدة (Gastric Ulcer): يُصيب كبار السن أكثر من غيرهم. عدوى الجرثومة الملوية البابية وتناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية هي الأسباب الأبرز للاصابة بالقرحة المعدية. كثيراً ما تكون القرح المعدية عديمة الأعراض والتحذيرات، وتؤدي للمضاعفات مباشرةً. من المهم الذكر أن القرح المعدية قد تكون سرطان في المعدة في أصلها، لذا يجب فحص كل حالة قرحة معدية بدقة، والتأكد من شفائها.
- قرحة الاثني عشر (Duodenal Ulcer): هي أكثر شيوعاً من القرح المعدية، وتظهر لدى البالغين صغار السن. سبب قرحة الاثني عشر الأساسي هو عدوى الجرثومة الملوية البابية، ولمضادات الالتهاب اللاستيرويدية دور أقل في هذه الحالة. تظهر القرحة غالباً في القسم الأول من الاثني عشر، ونادراً جداً ما تكون سرطاناً بعكس قرحة المعدة.
تختلف الأعراض قليلاً بين الحالتين.
قد يكون داء القرحة الهضمية عديم الأعراض، وقد يؤدي لأعراض عديدة قد تكون مزمنة وهي:
- ألم البطن: أهم الأعراض وأبرزها. يكون الألم حاداً، حارقاً أو عدم راحة في رأس البطن. تختلف مواصفات الألم وفقاً للقرحة:
قرحة المعدة تؤدي لألم يسوء مع الأكل ويتحسن مع الصيام.
قرحة الاثني عشر تؤدي لألم يسوء مع الصيام والجوع لمدة ساعتين أو أكثر، ويتحسن بعد الأكل أو تناول الأدوية المضادة للحموضة. يبرز الألم في مُنتصف الليل ويوقظ المريض من نومه، بعد 1-3 ساعات من الخلود الى النوم.
- الغثيان.
- القيء.
- فقدان الوزن.
- فقدان الشهية.
- انتفاخ البطن، والاحساس المبكر بالشبع بعد أكل القليل من الطعام.
- قيء الدم أو ظهور الدم الداكن في البراز بسبب النزف (سيتم التفصيل في المضاعفات).
من المهم الذكر أن المضاعفات قد تظهر بشكل مُباشر دون أية أعراض أو انذارات. وقد تُشكل هذه المضاعفات خطراً على الحياة، وتختلف أعراضها. أبرز علامات داء القرحة الهضمية، هي الايلام عند لمس رأس البطن. ويمكن ألا تكون موجودة.
يؤدي داء القرحة الهضمية لعدة مضاعفات، وخاصةً اذا كان مزمناً ولم يتم تشخيصه أو علاجه. قد تكون هذه المضاعفات خطرة وتهدد حياة المريض. ظهور أعراض جديدة مفاجئة، أو تغيير ملحوظ في ألم البطن قد يدل على حدوث المضاعفات. تشمل مضاعفات داء القرحة الهضمية التالي:
- النزف (Bleeding): قد يمتد القرح الى الطبقة التحت مخاطية، ويسبب ثقباً في أحد الأوعية الدموية مما يجعله ينزف. يؤدي النزيف الى:
قيء الدم، اذا كان النزيف شديداً فانه يظهر في القيء.
ظهور الدم في البراز، كدم أحمر بارز اذا كان النزيف شديداً، أو براز داكن أو أسود اللون ذو رائحة كريهة اذا كان النزيف بطيئاً.
فقر الدم، بسبب فقدان الدم المتواصل.
يمكن علاج النزيف بتنظير المعدة أو بالمعالجة الجراحية.
- الثقب (Perforation): يحدث الثقب اذا ما أدت القرحة الى ثقب جدار المعدة أو الاثني عشر. ويؤدي الثقب الى التهاب الصفاق، مما يسبب ألم البطن الحاد والنتشر، الحرارة المرتفعة، الجفاف والامساك، يتطلب الثقب المعالجة الجراحية الفورية.
- الاختراق (Penetration): الاختراق هو نوع من الثقب، والذي يستمر فيه الثقب ليصل الى عضو اخر مجاور كالبنكرياس، القولون أو الكبد. يؤدي الاختراق الى أعراض عديدة مثل ألم البطن الممتد الى الظهر في حال اختراق البنكرياس، ألم البطن الأيمن الأعلى عند اختراق الكبد وأخرى.
- الانسداد (Obstruction): يكون الانسداد في داء القرحة الهضمية المعدية من نوعين:
الحاد، وذلك بسبب وجود التهاب وانتفاخ حول القرحة.
المزمن، بسبب ظهور الندبات مكان القرحة الهضمية.
في الحالتين يؤدي الأمر الى انسداد مخرج المعدة، مما يسبب أعراض كألم البطن، القيء المتكرر، انتفاخ البطن، فقدان الوزن، الشبع المبكر. يُعالج النسداد بالتنظير أو جراحياً.
داء القرحة الهضمية ليست من الأمراض التي يمكن علاجها في البيت، ويتطلب علاجها اشراف طبيب مختص. لذا من المهم التوجه للطبيب لتشخيص الحالة وتلقي العلاج. اذا كنت تشكو من أعراض مشابهة لداء القرحة الهضمية توجه للطبيب في أقرب فرصة. تناول الأدوية المضادة للحموضة التي يمكن شرائها دون وصفة طبيب، تُخفف من ألم البطن لكنها لا تُعالج داء القرحة الهضمية ولا تمنع تكرر الأعراض والمضاعفات.
على الطبيب ملاحظة الأمور التالية:
- ما هي أعراض المريض؟ وهل تلائم أعراض داء القرحة الهضمية؟
- هل يشكو المريض من أعراض مزمنة أم حادة؟
- هل كانت حالات سابقة من داء القرحة الهضمية، وهل عولجت وكيف؟
- ما هي الأدوية التي يتناولها المريض؟
- هل توجد عوامل وأسباب لدى المريض قد تؤدي لداء القرحة الهضمية؟
- ما هي العلامات التي تظهر لدى المريض خلال الفحص الجسدي؟
أعراض داء القرحة الهضمية قد تظهر في حالات أخرى عديدة، مثل داء الجزر المعدي المريئي، أمراض المرارة والكبد وعديدة أخرى. لذا يتطلب التشخيص اجراء عدة اختبارات وليس فقط التاريخ المرضي والفحص الجسدي.
الاختبارات التي قد يستعملها الطبيب هي:
- تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count): فحص دم بسيط الهدف منه ملاحظة فقر الدم اذا وجد.
- اختبارات تشخيص عدوى الجرثومة الملوية البابية وتشمل:
فحص الأجسام المضادة للجرثومة الملوية البابية في الدم: بما أن الجسم يُصاب بعدوى الجرثومة الملوية البابية، فمن الطبيعي أن يُفرز أجسام مضادة ضدها. يمكن اكتشاف هذه الأجسام بفحص دم بسيط. الا أن لهذا الفحص سلبيات حيث أنه لا يميز بين التعرض السابق والحالي للعدوى.
فحص المستضد في البراز (Antigen Stool Test): المستضد هي المواد في الجرثومة الملوية البابية والتي تُفرز الأجسام المضادة ضدها. يُساعد هذا الاختبار على فحص وجود الجرثومة في البراز، كما أنه يُساعد على متابعة فعالية العلاج.
اختبار اليوريا بالزفير (Urea Breath Test): يتم هذا الفحص بواسطة زفير المريض الى جهاز مُعين. يكتشف هذا الجهاز تركيز اليوريا في الزفير، وهي أحد المواد التي تستطيع الجرثومة الملوية البابية أن تُحللها، ويتم تناول اليوريا بواسطة مشروب سائلي والزفير الى الجهاز بعد ساعة. اذا وجدت الجرثومة، فان اليوريا ستتحلل ويمكن اكتشاف الأمر بواسطة الجهاز. يُساعد الاختبار على التشخيص وعلى متابعة العلاج، ويُعتبر من أكثر الاختبارات استعمالاً.
الخزعة (Biopsy): اختبار يُجرى خلال تنظير الجهاز الهضمي العلوي، حيث يمكن استخراج عينة من منطقة القرحة، ومن ثم فحصها في المختبر بالمجهر لملاحظة التغييرات المميزة للقرحة. لا تُستخدم هذه الطريقة كثيراً، الا أنها مهمة جداً في حال القرح المعدية لتشخيصها ونفي حالات سرطان المعدة.
اختبار اليوريناز السريع (Rpid Urease Test): اختبار يُجرى مُباشرةً بعد استخراج العينة، ويوجد معدات جاهزة يستعملها الطبيب لاختبار وجود انزيم اليوريناز. انزيم اليوريناز هو الانزيم الذي تُفرزه الجرثومة الملوية البابية لتحليل اليوريا. يُعتبر الاختبار سهل التنفيذ ولا يستغرق وقتاً.
زرع الجرثومة من العينة المستخرجة (Culture): حيث يقوم الطبيب باستخراج العينة ومن ثم ارسالها الى المختبر لزرع الجرثومة الملوية البابية. لا يستخدم الأطباء هذا الفحص كثيراً لأنه يستغرق عدة أسابيع. ميزات الفحص هي أنه يؤكد بلا شك وجود أو عدم وجود الجرثومة. كما أنه يستطيع تحديد المضادات الحيوية التي تعمل ضد الجرثومة.
- تنظير الجهاز الهضمي العلوي (Endoscopy): اختبار يتم خلاله ادخال أنبوب طويل ومرن، الى الجهاز الهضمي مروراً بالمريء، المعدة ووصولاً للاثني عشر. يكون الانبوب مصحوب بكاميرا ليتمكن الطبيب من مشاهدة داخل الأعضاء. لا يؤلم هذا الاختبار، وخلاله يمكن تشخيص القرح، تحديد مكانها، تشخيص المضاعفات، استخراج العينات، والعلاج اذا لزم الأمر. هذا هو الاختبار الرئيسي الأكثر نوعية لتشخيص القرحة وعلاج بعض مضاعفتها كالنزيف.
- التصوير بالأشعة السينية (X-ray): في السابق كان أكثر استعمالاً. خلاله يقوم المريض بشرب سائل يحتوي على مادة الباريوم، ومن ثم تصوير الجهاز الهضمي العلوي. يظهر الباريوم كمادة بيضاء عند التصوير، ويُساعد الباريوم على تصوير الجهاز الهضمي والقرحة، لكن ليس في جميع الحالات.
لتشخيص داء القرحة الهضمية يجب أن يتحقق التالي:
- اختبار ايجابي واحد على الأقل من اختبارات تشخيص الجرثومة الملوية البابية.
- اختبار ايجابي واحد من اختبارات التصوير.
امكانيات علاج داء القرحة الهضمية هو:
- العلاج بالأدوية.
- المعالجة الجراحية.
تُعالج أغلب حالات داء القرحة الهضمية بالأدوية، الا في حالات المضاعفات أو الحالات المستعصية التي تحتاج للمعالجة الجراحية.
علاج سبب داء القرحة الهضمية
من المهم جداً علاج أسباب داء القرحة الهضمية، وتُختصر أسس العلاج بالتالي:
- تجنب أدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية اذا أمكن، تقليل الجرعة، أو استبدالها بأدوية بديلة. يجب استشارة الطبيب لتحديد الأدوية.
- علاج عدوى الجرثومة الملوية البابية بالمضادات الحيوية.
- الاقلاع عن التدخين.
- علاج أمراض أخرى موجودة قد تسبب داء القرحة الهضمية.
- المعالجة النفسية للضغط الزائد لا تُساعد كثيراً في علاج داء القرح الهضمية. رغم ذلك فان أغلب القرح الهضمية تُشفى بالأدوية حتى لدى الأشخاص اللذين يُعانون من ضغوط نفسية.
العلاج بالأدوية
عادةً يؤصف الأطباء عدة أدوية هدفها أمران:
- علاج عدوى الجرثومة الملوية البابية بالمضادات الحيوية والقضاء عليها.
- الأدوية التي تُقلل افراز الحموضة في المعدة لتخفيف الأعراض.
تشمل الأدوية التي تُقلل افراز الحموضة التالي:
· مضادات الحموضة (Antiacids): تتوفر مضادات الحموضة في الصيدليات ويمكن تناولها دون وصفة طبيب. رغم ذلك فان مضادات الحموضة ذو نجاعة قليلة، لأن أغلب حالات داء القرحة الهضمية لا تكون بسبب ارتفاع الحموضة. تُساعد مضادات الحموضة على تخفيف الأعراض ولا تخفض افراز الحموضة، كما أنها لا تُعالج سبب القرحة. تُستخدم مضادات الحموضة بجانب أدوية أخرى، وقليلاً ما تُستخدم اليوم.
· مثبطات مستقبلات الهيستامين (Histamine Receptor-2 Antagonists): الهيستامين مادة تُفرز في الجسم وترتبط بمستقبلاتها، وتؤدي لافراز الحموضة في المعدة. مضادات الهيستامين تعمل على المستقبلات لتوقف عملها وبذلك تُخفض افرازات المعدة الحمضية، وتُخفف من الأعراض والألم. أهم هذه الأدوية هي:
سيميتدين (Cimetidine).
فاموتيدين (Famotidine).
رانتيدين (Rantidine).
تُستخدم هذه الأدوية لتخفيف الألم والأعراض، بالاضافة الى استخدامها مع المضادات الحيوية المستعملة لعلاج عدوى الجرثومة الملوية البابية.
· مثبطات مضخة البروتون (PPI’s- Proton Pump Inhibitors): مضخة البروتون هي مضخة موجودة في خلايا المعدة وهي المضخة الرئيسية المسؤولة عن افرازات المعدة الحمضية. تعمل مجموعة الأدوية كمثبطات لهذه المضخة وبذلك تثبط انتاج الحمض في المعدة. هذه المجموعة هي الأكثر نجاعةً، والأهم التي تُستخدم لعلاج داء القرحة الهضمية ومضاعفاته. يجب تناول الأدوية 30 دقيقة قبل الأكل. يستمر العلاج بها لمدة 6-8 أسابيع ووفقاً للأعراض. تُلائم الجرعة لكل مريض وفقاً لأعراضه ويتناول المريض الدواء لمرة واحدة في اليوم. أهم هذه الأدوية هي:
أوميبرازول أو لوسك (Omeprazole/ Losec).
لانسوبرازول (Lansoprazole).
بانتوبرازول أو كونترولوك (Pantoprazole/ Contolock).
رابيبرازول (Rabeprazole ).
غالباً لا توجد أعراض جانبية لهذه الأدوية. مع ذلك من المهم معرفة الأعراض الجانبية وهي:
سوء امتصاص فيتامين ب 12 (Vitamin B12)، مما قد يؤدي لفقر الدم.
سوء امتصاص الكالسيوم مما قد يؤدي لهشاشة العظام.
سوء امتصاص الحديد، مما قد يؤدي لفقر الدم.
قليلاً ما تحدث هذه الأعراض الجانبية، الا أنه قد تكون حاجة لتناول اضافات الفيتامين ب 12 أو الكالسيوم أو الحديد لتجنب الأعراض الجانبية.
- الأدوية الحامية للخلايا (Cytoprotective Agents): تعمل هذه الأدوية على حماية الغشاء المخاطي المبطن للجهاز الهضمي. وتعمل هذه الأدوية بعدة طرق:
زيادة افراز الغشاء المخاطي والمواد التي تحميه.
زيادة تدفق الدم الى الأوعية الدموية في الطبقة التحت مخاطية.
بعض الأدوية تُشكل طبقة فوق الغشاء المخاطي لحمايته.
بعض الأطباء يصفون هذه الأدوية، وتشمل عدة أنواع:
سوكرالافات (Sucralfate).
بزموت (Bismuth): وهو الأكثر استعمالاً.
مماثلات البروستاجلاندين (Prostaglandin Analouges) كالميسوبريستول (Misopristol).
علاج عدوى الجرثومة الملوية البابية
عند وجود عدوى الجرثومة الملوية البابية في حال داء القرحة الهضمية، يجب علاجها والقضاء عليها. لا يوجد نوع واحد من الأدوية التي تقضي على الجرثومة لذا يجب استخدام عدة أدوية بالمقابل. يجب القضاء على الجرثومة أيضاً في حال وجود اللمفومة المعدية، ويكفي الأمر لعلاج اللمفومة في أغلب الحالات. علاج العدوى الجرثومية يُساعد على الشفاء من داء القرحة الهضمية، تجنب المضاعفات وتكرر الحالة.
يستمر العلاج لمدة 7-14 يوم ويتطلب عدة أدوية. من المهم جداً تناول الأدوية باستمرار ولكامل المدة لأجل نجاح العلاج. عدم تناول الأدوية هو السبب الأهم لفشل العلاج وتكرر المرض.
تشمل الأدوية المستعملة:
- المضادات الحيوية، ويجب استعمال نوعين على الأقل من الأدوية التالية:
أموكسيسيلين (Amoxicillin).
ميترونيدازول (Mitronidazole).
كلاريترومايسين (Clarithromycin).
دوكسيسيلين (Doxycyclin).
- بزموت (Bismuth): يُستعمل بجانب المضادات الحيوية.
- مثبطات مضخة البروتون (PPI’s- Proton Pump Inhibitors): يُستعمل بجانب المضادات الحيوية.
يكون العلاج باستعمال ثلاثة أدوية، اثنان من المضادات الحيوية وواحد من الأدوية الباقية.
اشكاليات العلاج هي الأعراض الجانبية التي تظهر خلال تناول هذه الأدوية، بالاضافة الى كثر الأدوية التي يجب أن يتناوله المريض. لكن من المهم جداً تناول جميع الأدوية لنجاح العلاج. في بعض الحالات تكون الجرثومة الملوية البابية مُقاومة لبعض الأدوية، وعندها يفشل العلاج. في هذه الحالة يجب استبدال الأدوية بأخرى، واجراء اختبار زرع الجرثومة لمعرفة المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها. أحياناً يجب استخدام أربعة أدوية وليس ثلاثة.
علاج داء القرحة الهضمية بسبب مضادات الالتهاب اللاستيرويدية
اذا كانت الأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية هي سبب داء القرحة الهضمية، ولم توجد عدوى الجرثومة الملوية البابية، يجب محاولة وقف تناول الأدوية اذا أمكن. اذا كانت هناك حاجة ماسة لاستمرار تناول الأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، يجب محاولة تقليل جرعتها أو استبدالها. قد تكون حاجة لاضافة العلاج بمثبطات مضخة البروتون في بعض الأحيان.
العلاج المشترك بالأدوية
للتلخيص يمكن القول أنه بعد تشخيص داء القرحة الهضمية، فان العلاج يتكون من:
- تناول أحد الأدوية التي تُقلل افراز الحموضة أو عدة أدوية، حسب ما يصفه الطبيب، لمدة 4-6 أسابيع.
- علاج عدوى الجرثومة الملوية البابية بالمضادات الحيوية ل 7-14 يوم.
بعد العلاج بأربعة أسابيع، يجب التأكد من القضاء على الجرثومة الملوية البابية من خلال الاختبارات المتوفرة، وخاصةً اختبار الزفير. في حال القرحة المعدية، يجب اجراء اختبار تنظير المعدة واستخراج عينة بعد مرور عدة أسابيع لنفي امكانية سرطان المعدة، نظراً لأن بعض القرح قد تكون سرطانية.
عند فشل العلاج وتكرر حالات داء القرحة الهضمية، توجد عدة أسباب وهي:
- عدم الالتزام بالأدوية الموصوفة، وهو السبب الرئيسي لفشل العلاج. لذا من المهم جداً تناول الأدوية طبقاً لوصفة الطبيب.
- مُقاومة الجرثومة للمضادات الحيوية، وفي هذه الحال يجب استبدالها.
- التدخين: من أهم الأسباب لفشل العلاج. لذا يجب الاقلاع عن التدخين واعادة العلاج.
- تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
- افراز الحموضة الزائد في المعدة. راجع الطبيب.
- سرطان المعدة، وهو سبب غير شائع لكنه خطر. لذا يجب التأكد من شفاء القرح المعدية ونفي السرطان.
- أمراض أخرى نادرة ما تؤدي للقرح يجب نفيها.
في حال عدم وجود سبب ما، يمكن زيادة جرعة مثبطات مضخة البروتون والمتابعة. الحالات التي لا تستجيب تُعد مُستعصية
أغلب حالات داء القرحة الهضمية تُشفى بعد العلاج بالأدوية. أغل الحالات التي لا تُشفى بعد العلاج الأول، تتطلب علاجاً اخر لشفائها. قليلة هي الحالات التي تكون مستعصية، وعندها يجب البحث عن سبب فشل العلاج أو التوجه للمعالجة الجراحية.
المعالجة الجراحية تُستخدم في حالتين:
- المعالجة الجراحية المُستعجلة لعلاج المضاعفات التي تُشكل خطر الحياة.
- المعالجة الجراحية لعلاج الحالات المستعصية.
توجد عدة عمليات لعلاج داء القرحة الهضمية، وهدف جميع هذه العمليات هو الاقلال من افراز الحمض في المعدة، أو استئصال القرحة نفسها بالاضافة الى اقلال افراز الحمض المعدي.
بالاضافة الى علاج القرحة، يجب علاج المضاعفات في حال وجودها:
- في حال النزيف يجب وقف النزيف من الوعاء الدموي.
- في حال الثقب يجب اغلاقه، وكذلك الأمر عند الاختراق.