الدماغ

الدماغ (Brain) هو كتلة كبيرة من النسيج العصبي والتي تشكل القسم الرئيسي من الجهاز العصبي المركزي. يقع الدماغ في الجمجمة ويتشكل من عدة أجزاء، ويحاط بطبقات السحايا والسائل النخاعي. وظائف الدماغ عديدة ولا يُمكن للانسان البقاء على قيد الحياة دونه. يقوم الدماغ بجمع المعلومات عن البيئة الخارجية والداخلية للجسم، ويقوم بتحليل ومعالجة هذه المعلومات وانتاج أخرى جديدة يرسلها الى أعضاء الجسم للاستجابة للبيئة المحيطة. يزن الدماغ لدى الانسان البالغ ما يقارب 1400 غرام، ويتطور بسرعة خلال سنوات الحياة الأولى. يميل لون الدماغ الى الرمادي، وذلك يعود للون الخلايا التي تكونه، ويتميز سطحه بالعديد من النتوءات. يمثل الدماغ ما يشابه غرفة التحكم المركزية لشبكة اتصالات واسعة.

يتكون الدماغ من الأجزاء التالية:

·  المخ (Cerebrum).

·  الدماغ البيني (Diencephalon).

·  جذع الدماغ (Brainstem).

·  المخيخ (Cerebellum).

كل من هذه الأجزاء له وظيفة مختلفة عن الاخر، لكن تعمل جميع الأجزاء بتناسق تام فيما بينها للتحكم بالجسم.

المخ (Cerebrum) هو الجزء الأكبر من الدماغ، والذي يقع أعلى المخيخ وجذع الدماغ، ويتخذ شكلاً كروياً. يتم تقسيم المخ الى نصفين:

·  النصف الكروي الأيمن (Right Hemisphere).

·  النصف الكروي الأيسر (Left Hemisphere).

ويفصل ما بينهما شق يسمى الشق الطولي للمخ (Longitudinal Fissure Of Cerebrum). نشير الى أن كل نصف كروي مسؤول عن النصف المعاكس له في الجسم، أي أن النصف الأيمن مسؤول عن نصف الجسم الأيسر والعكس صحيح.

بشكل عام فان النصف الكروي الأيسر هو المسؤول عن العمليات الدقيقة، الحساب، وكل ما هو موضوعي وبحاجة لقرار، فيما النصف الكروي الأيمن مسؤول عن المشاعر، الموسيقى، النغمات وكل ما هو يرتبط بالأحاسيس. لدى معظم البشر فان النصف الكروي الأيسر هو النصف المسيطر والرئيسي، ولدى البعض يكون النصف الكروي الأيمن هو المسيطر.

كل نصف كروي للمخ يتكون من أربعة فصوص استمرارية واحدة للأخرى، بحيث توجد الفصوص التالية:

·  الفص الجبهي (Frontal Lobe): الفص الأمامي.

·  الفص الجداري (Parietal Lobe): في وسط الدماغ وما بين الجبهي والصدغي.

·  الفص الصدغي (Temporal Lobe): خلف الفص الجداري.

·  الفص القذالي (Occipital Lobe): الفص الخلفي للمخ.

يسمى كل فص باسمه نسبةً لعظمة الجمجمة التي تغطيه. كل من الفصوص يتكون من قشر (Cortex)- الجزء الخارجي الظاهر، ولب (Medulla) – الجزء الداخلي للمخ.

الفص الجبهي (Frontal Lobe) يقع في مقدمة المخ ومقدمة الدماغ، وهو مسؤول عن عدة أمور: تحريك عضلات الوجه، الذراع، الجسد، الرجل، عضلات الرأس والعين. كما يقع مركز التكلم في الفص الجبهي، وكذلك المركز المسؤول عن شخصية الانسان وقدرته على التحكم بنفسه بحيث لا يقوم بأعمال غير ملائمة. المركز المسؤول عن التحكم بالبول والبراز موجود في الفص الجبهي ومن هنا تُصدر الأوامر للتحكم بالبراز أو البول.

في باطن الفص الجبهي ترقد الأميغدالا (Amygdala): نواة صغيرة جداً ومسؤولة عن الشعور بالخوف لدى الانسان. كما تخزن الذاكرة.

الفص الجداري (Parietal Lobe) يقع خلف الفص الجبهي، ومن أعلى الفص الصدغي. في الفص الجداري يتركز المركز المسؤول عن حاسة اللمس، الألم، الحرارة وغيرها من حواس يشعر بها الجلد والعضلات والمفاصل. يرتبط هذا المركز مباشرةً بمركز الحركة في الفص الجبهي، وذلك لضرورة تحريك عضلة ما كاستجابة للشعور بالألم. يحوي المركز الحسي معلومات عن جميع المناطق في الجسم.

اضافةً لذلك يحوي الفص الجداري في الفص الكروي المسيطر المركز المسؤول عن اللغة ويسمى مركز فيرنيكية (Wernicke’s Area)- ومن هنا يستقبل الدماغ جميع المعلومات المتعلقة باللغة (صوت اللغة، ملفظ اللغة، حركة الشفاه). أما في النصف الكروي غير المسيطر فان الفص الجداري يحوي مركز مسؤول عن صورة الجسم في محيطه، بحيث يجمع هذا المركز معلومات عن موقع ووضعية المفاصل والعضلات. هذا المركز له أهمية كبرى في الحفاظ على التوازن وبالسماح للجسم  بالتأقلم في عدة وضعيات. الفص الجداري في النصف الكروي المسيطر هو المسؤول عن المهارات الحسابية أو تلك المتعلقة بالأرقام.

الفص الصدغي (Temporal Lobe) يقع خلف الفص الجبهي ويفصل بينهما شق واضح. من أعلى الفص الصدغي يقع الفص الجداري، ويحده من الخلف الفص القذالي. وظائف الفص الصدغي عديدة وتشمل:

·  مركز السمع: يتواجد في قشر الفص الصدغي، ويوجد فرق في المعلومات التي يلتقطها في كل من أنصاف المخ. حيث أن مركز السمع يلتقط الأصوات المتعلقة باللغة في النصف الكروي المسيطر، بينما يلتقط المعلومات عن الموسيقى ونظم السمع في النصف الكروي غير المسيطر.

·  مركز مسؤول عن الذاكرة والتعلم.

·  الفص الحوفي (Limbic Lobe): جزء من الفص الصدغي ومسؤول عن أمرين – الأول حاسة الشم، والثاني المشاعر والأحاسيس.

الفص القذالي (Occipital Lobe) هو الفص الخلفي للمخ ويحوي المركز المسؤول عن الرؤية. حيث تنتقل المعلومات من العين الى المخ مروراً بالفصين الجداري والصدغي، و تصل الى الفص القذالي. هنا يتم تفسير المعلومات التي تبصرها العين. عملية نقل المعلومات من العين تستغرق أجزاء الثانية، لذا لا نشعر بدور المخ. نشير الى أن مركز الرؤية يرتبط بباقي فصوص المخ، حيث يرسل المعلومات الى الفص الجداري أو الصدغي وهناك يتم تفسير ما أبصرته العين.

يقع قبل جذع الدماغ بقليل ويتكون من عدة مبان، أهمها:

·  الوطاء (Hypothalamus): مركز مهم موجود في عمق الدماغ قرب الغدة النخامية وله أهمية كبرى في التحكم بالجهاز العصبي الذاتي، حيث يتحكم بسرعة القلب، عمل الجهاز الهضمي، البول وحرارة الجسم. كما يعمل الوطاء كمنظم للجسم وله أهمية في عمل جهاز الغدد الصماء حيث أنه يتواسط بين الجهاز العصبي وبين الغدد الصماء ويحث أو يكبت افراز الهرمونات من الغدة النخامية.

·  المهاد (Thalamus): يقع من جانبي الدماغ وتحديداً فوق الوطاء. المهاد هو عبارة عن محطة تصل بين النخاع الشوكي وبين المخ، بحيث تمر الكثير من المعلومات من هنا.

·  الغدة الصنوبرية (Pineal Gland) – انظر مقالاً منفصلاً.

·  الغدة النخامية (Pituitary Gland) – انظر مقالاً منفصلاً.

جذع الدماغ (Brainstem) هو الجزء الذي يصل ما بين النخاع الشوكي والدماغ، وهو استمراري لكليهما. يقع جذع الدماغ تحت المخ ومن أمام المخيخ ويتكون بدوره من ثلاثة أجزاء:

·   الدماغ الأوسط (Midbrain): الجزء العلوي الأقرب للدماغ.

·  الجسر (Pons): الجزء الأوسط ويصل بين الدماغ الأوسط والنخاع المستطيل.

·  النخاع المستطيل (Medulla Oblangata): الجزء السفلي والذي يرتبط بالنخاع الشوكي مباشرةً.

لجذع الدماغ وظائف عديدة ومهمة، ولا يُمكن الحياة دون جذع الدماغ. يمثل جذع الدماغ نقطة وصل بين النخاع الشوكي والدماغ وتمر منه جميع الأعصاب الحسية والحركية، أي أن أية اصابة له قد تؤدي للشلل أو فقدان الاحساس الكامل. كما ان معظم الأعصاب القحفية (Cranial Nerves) تخرج من جذع الدماغ. اضافةً لذلك فان مركز التحكم بالتنفس، والذي يعمل تبعاً لنسبة الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون موجود في جذع الدماغ.

المخيخ (Cerebellum) هو كتلة كبيرة من النسيج العصبي التي تقع في الجزء الخلفي من الدماغ وتملأ خلف الجمجمة، وتحديداً خلف جذع الدماغ. غشاء خاص يفصل بين المخ والمخيخ، وكما هي حال المخ فان المخيخ يتكون من نصفين كرويين جانبيين (Lateral Hemisphere) يصل بينهما مبنى في الوسط – الدودة (Vermis).

وظيفة المخيخ الأساسية هي التوازن، الثبات والقيام بالحركات الدقيقة والصغيرة. كما ان المخيخ ينظم الحركات اللارادية، ويعمل بالتناسق مع الأذن الداخلية ليحافظ على توازن الانسان. المخيخ أيضاً له دور مهم في المشي، واصابته تؤدي لعدم الثبات في المشي. على سبيل المثال فان المخيخ مسؤول عن أية حركة متبدلة بسرعة، واصابته تؤدي لعدم القدرة على تأدية هذه الحركات وكذلك لعدم الثبات.

وظيفة أخرى للمخيخ تدخل في التكلم، ويحافظ على ثبات المقاطع واللفظ ويمنع اندفاع الكلام بسرعة. لذا غالباً ما نلاحظ التكلم السريع لدى مصابي المخيخ.

بطينات الدماغ (Ventricles Of brain) هي مجموعة من الفجوات الموجودة داخل الدماغ والتي تسمى البطينات. توجد أربعة بطينات في الدماغ – اثنان جانبيان متوازيان في المخ، والبطين الثالث والرابع. يملأ السائل النخاعي بطينات الدماغ.

البطينات الجانبية (Lateral Ventricles) – البطينات رقم 1 و 2 هما الأكبر من جميع البطينات ويقع كل منهما في عمق النصف الكروي للمخ، ويتخذان شكلاً منحنياً. توجد فتحة تصل بين البطينات الجانبية وبين البطين الثالث (3^RD Ventricle) والذي يقع في وسط الدماغ البيني ويتخذ شكل شق صغير. من البطين الثالث تخرج قناة تسمى القناة المخية (Cerebral Aqueduct) وهي قناة ضيقة تربط البطين الثالث بالبطين الرابع (4^th Ventricle). يبدأ البطين الرابع في الجزء الخلفي من جذع الدماغ ومن ثم يمتد الى النخاع الشوكي ويُكمل في الوسط كقناة النخاع الشوكي المركزية.

السحايا (Meninges) هي عبارة عن غشاء محيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وبينها وبين الجهاز العصبي المركزي فراغ يمتلأ بالسائل النخاعي. وظيفة السحايا الأساسية هي حماية الجهاز العصبي المركزي وامتصاص الصدمات، الا أنها تقوم أيضاً بوظائف أخرى كصرف الدم الوريدي من الدماغ. توجد ثلاثة طبقات من السحايا تختلف فيما بينها بدرجة صلابتها:

·  الحنون (Pia Matter): الطبقة الداخلية وتعتبر رقيقة جداً.

·  العنكبوتية (Arachnoid): الطبقة الوسطى وتنتظم كشبكة عنكبوتية، وتحوي الأوردة التي يصب فيها الدم الوريدي من خلايا الدماغ.

·  الجافية (Dura Matter): الطبقة الخارجية والأقرب للجمجمة وتُعد الأكثر صلابة من بين كافة الطبقات.

السائل النخاعي (CSF- Cerebrospinal Fluid) هو سائل يُفرز في داخل بطينات الدماغ ويبقى داخلها. يُفرز الدماغ ما يقارب 400-500 ملم من السائل النخاعي يومياً، وتقوم مجموعة من الخلايا والأوعية الدموية في بطينات الدماغ بافرازه (تُسمى الضفائر المشيمية – Choroid Plexuses). يجري السائل النخاعي في بطينات الدماغ متبعاً المسار المذكور أعلاه، ومن ثم يخرج من البطينات الى ما حول الدماغ والنخاع الشوكي ويملأ جميع الفراغات الموجودة. في السحايا توجد شبكة من الأوردة والتي تمتص السائل النخاعي.

وظائف السائل النخاعي هي:

·  حماية الدماغ من خلال امتصاص الصدمات.

·  منع التلامس بين الدماغ وبين الجمجمة بحيث لا يصاب الدماغ بشدة اثر اصابة طفيفة للجمجمة.

·  الحفاظ على الضغط داخل الجمجمة ومنع تغير الضغط بحيث لا يتضرر الدماغ منها.

لا تختلف خلايا الدماغ عن باقي الخلايا في الجهاز العصبي، لكنها تقوم بوظيفة مختلفة. في مقال منفصل عن الجهاز العصبي يُمكن الاطلاع على تفصيل حول الخلايا العصبية، ونذكر أن الدماغ يحوي نوعين من الخلايا:

·  الخلايا العصبية (Neuron).

·  الخلايا الداعمة / الدبقية (Glia Cells).

الدورة الدموية في الدماغ مركبة ومعقدة، ولن ندخل بكامل التفاصيل عن الدورة الدموية في الدماغ. رغم أن الدماغ يشكل فقط 2.5% من الجسم الا أنه يحصل على ما يقارب سُدس الدم الذي يضخه القلب، وحوالي خُمس الأوكسجين في الجسم يذهب للدماغ فقط.

الشرايين الرئيسية التي تمد الدماغ بالدم هي:

·  الشريان السباتي الغائر (Internal Carotid Artery) ويُعتبر الشراين الرئيسي الذي يمد الدماغ بالدم، ويتفرع داخل الدماغ الى عدة تفرعات تمد معظم الدماغ.

·  الشريان الفقري (Vertebral Artery): يمتد مباشرةً من الشرايين تحت الترقوة ويصعد نحو الدماغ ماراً بفقرات العامود الفقري. يمد الشريان الفقري المخيخ والقسم الخلفي من المخ وجذع الدماغ.

في الدماغ يتصل الشريانان واحد بالاخر ويشكلان حلقة ويليس (Circle Of Willis) وهي حلقة من الشرايين. توجد أهمية كبيرة لهذه الحلقة بحيث أن انسداد أحد التفرعات يعوض عنه بامداد الدم الشرياني بواسطة الحلقة.

الدم الوريدي الذي يخرج من الدماغ يصب في أوردة محيطة بالدماغ تقع داخل السحايا، والتي تصب في نهاية الأمر في أوردة الرقبة والرأس ومنها الى القلب. توجد العديد من الأوردة الرئيسية في الدماغ لكن لن نفصل عنها.