التشنجات الحرارية
التشنجات الحرارية هي تشنجات (Seizures) وتسمى أيضاً اختلاجات حرارية- تصيب الأطفال عند ارتفاع درجة حرارة الجسم الى ما فوق 38 درجة مئوية.
تصيب التشنجات الحرارية الأطفال ما بين سن الستة أشهر وست سنوات. مُعظم حالات التشنجات الحرارية تصيب الأطفال ما بين الشهر الثاني عشر والثامن عشر من حياتهم.
تُعتبر التشنجات الحرارية حالة شائعة لدى الأطفال، وتصيب ما يقارب 2-4% من الأطفال.
يكون منظر الطفل مخيفاً، بحيث يتشنج كل جسم الطفل، لكن ولحسن الحظ فان التشنجات الحرارية لا تسبب أضراراً للدماغ ولا تؤثر على الوظيفة العقلية أو على الذكاء.
نشير الى أن التشنجات الحرارية تختلف عن نوبات الصرع، واصابة الطفل بالتشنجات الحرارية لا تعني اصابته بالصرع. غالباً لا حاجة لعلاج التشنجات الحرارية، الا في حال استمرارها.
توجد عدة أسباب للتشنجات الحرارية لدى الأطفال، وتعود معظمها لارتفاع درجة الحرارة في جسم الطفل.
أما كيف يؤدي ارتفاع درجة الحرارة لتشنجات، فالأمر لا يزال غير واضحاً كلياً.
أهم الأسباب هي:
- العدوى: التشنجات الحرارية قد تحدث اثر ارتفاع درجة حرارة الطفل عند اصابته بعدوى فيروسية أو جرثومية. أبرز الأمراض التي تكون مصحوبة بالتشنجات الحرارية هو الوردية الطفلية (Roseola Infantum): مرض اثر عدوى فيروسية يؤدي لارتفاع درجة الحرارة ولطفح جلدي.
- التطعيمات: الحرارة المرتفعة قد تكون أحد الأعراض الجانبية للتطعيمات التي يتلقاها الأطفال، خاصةً بعد تلقي لقاح الحصبة والنكاف والحميراء (MMR- Measles Mumps Rubella). ترتفع حرارة الطفل بعد حوالي 8-14 يوماً من تلقي اللقاح، وعندها قد يصاب الطفل بالتسنجات الحرارية.
- التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للتشنجات الحرارية، أي اصابة أطفال اخرين بالتشنجات الحرارية في العائلة، يزيد من احتمال اصابة الطفل بالتشنجات الحرارية.
تحدث عادةً التشنجات الحرارية في اليوم الأول من ارتفاع درجة الحرارة، الا أنها قد تحدث بعد ذلك.
تصيب التشنجات الأطفال عند ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 38 درجة مئوية، وغالباً ما تكون درجة الحرارة أكثر من 39 درجة مئوية عند اصابة الأطفال بالتشنجات الحرارية.
هناك نوعان من التشنج الحراري:
- التشنج الحراري البسيط (Simple Febrile Seizure): وهو النوع الأكثر شيوعاً. بشكل تقليدي فان الطفل يفقد الوعي، وتحدث تشنجات منتظمة في الأطراف. تكون التشنجات عبارة عن حركات سريعة منتظمة لليدين أو الرجلين. من الممكن أن تستمر التشنجات لمدة 15 دقيقة متتالية، لكنها غالباً لا تستمر لأكثر من دقيقة أو اثنتين. تصيب التشنجات الأطفال مرة واحدة خلال 24 ساعة وليس أكثر من ذلك. بعد التشنجات قد يشعر الطفل بالنعاس أو الاضطراب وعدم الراحة، لكن لا تظهر أعراض أخرى كضعف اليد أو الرجل. نشير الى أن أحد الشروط لتسمية التشنجات بالحرارية هو حدوثها للأطفال دون وجود أمراض أو خلل عصبي سابق.
- التشنج الحراري المعقد (Complex Febrile Seizure): هو التشنج الأقل شيوعاً. يُعتبر التشنج الحراري معقداً في حال تحقق أحد الشروط التالية:
- استمرار التشنجات الحرارية لأكثر من 15 دقيقة.
- حدوث أكثر من تشنج واحد خلال 24 ساعة، مع وجود درجة حرارة مرتفعة.
- للطفل أمراض في الجهاز العصبي.
- يصيب التشنج الحراري قسماً من الجسم، أي يكون محدوداً لليد أو الرجل أو الرأس. قد يشعر الطفل بضعف في الرجل أو اليد بعد التشنج.
يعتمد تشخيص التشنجات الحرارية على التاريخ المرضي والفحص الجسدي.
تحقيق الشروط المذكورة أعلاه، ووجود الحرارة المرتفعة هي شروط ضرورية لتشخيص التشنجات الحرارية.
على كل طفل يصاب بالتشنجات الحرارية التوجه لطبيب الأطفال مباشرةً. اذا ما استطاع الطبيب رؤية التشنجات الحرارية بنفسه، فان الأمر يساعد على التشخيص.
من المهم أن يهدأ الأهل من روعهم عند رؤية التشنجات الحرارية لدى الطفل، رغم المنظر الغير محبذ أبداً. يستطيع الطبيب التمييز بين التشنجات الحرارية ونوع اخر من التشنجات، لذا من المهم التوجه للطبيب. كما أنه من المهم تشخيص سبب الحرارة المرتفعة، وهو امر يقوم به الطبيب. من المهم استبعاد أمراض أخرى تؤدي للحرارة المرتفعة والتشنجات كالتهاب غشاء الدماغ (Meningitis)- مرض خطير يؤدي لالتهاب في غشاء الدماغ، ويحدث اثر عدوى جرثومية ويتطلب العلاج الفوري.
قد يجري الطبيب اختبارات معينة لاستبعاد أمراض أخرى، وأهمها التهاب غشاء الدماغ.
رغم أنه لا حاجة لاجراء أية اختبارات اذا ما كان التاريخ المرضي والفحص الجسدي، يُلائم التشنجات الحرارية. أهم الاختبارات التي تُجرى، اختبار البزل القطني (LP-Lumbar Puncture) وهو اختبار يتم فيه ادخال حقنة لأسفل الظهر واستخراج السائل النخاعي- السائل الموجود في الدماغ والنخاع الشوكي- لتحليله واكتشاف التهاب، اذا ما وجد.
غالباً لا تتطلب التشنجات الحرارية أية علاج، لكن وفي حال استمرارها يجب علاجها بأدوية مضادة للتشنجات.
الدواء الأكثر استعمالاً لايقاف التشنجات الحرارية هو الديازيبام (Diazepam). ويُمكن استعمال أدوية أخرى، لكن من المهم مراقبة نبض قلب الطفل، ضغط الدم والتنفس خلال تناول الأدوية، نظراً لأعراض جانبية.
اذا ما توقفت التشنجات الحرارية لوحدها، لا حاجة لتناول الأدوية. كما أنه لا حاجة لبقاء معظم الأطفال في المستشفى بعد توقف التشنجات الحرارية.
بالاضافة الى علاج التشنجات الحرارية، من المهم علاج الحرارة المرتفعة. تُستخدم أدوية مثل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDS) أو الأتسيتومينوفين (Acetaminophen) لعلاج الحرارة المرتفعة.
توجد حاجة لمعرفة سبب الحرارة المرتفعة وعلاجه، اذا ما تطلب الأمر- علاج عدوى فيروسية أو عدوى جرثومية.
اصابة الطفل بالتشنجات الحرارية لمرة واحدة، يزيد من احتمال اصابته بالتشنجات الحرارية في المستقبل، ويحدث الأمر لدى 30-40% من الأطفال.
10% من الأطفال المصابين بالتشنجات الحرارية، يصابون بثلاثة تشنجات في المستقبل. طبعاً لا يعني الأمر تنكس التشنجات الحرارية عند ارتفاع الحرارة، ولا يعني تنكس التشنجات بنفس درجة الحرارة التي حصلت بها في المرة الأولى. كما أن التشنجات الحرارية المتنكسة قد تحدث بعد أشهر أو سنوات، لكنها تحدث غالباً خلال السنة الأولى من الاصابة بالتشنجات الحرارية للمرة الأولى.
يزداد احتمال الاصابة بالتشنجات الحرارية المتنكسة في حال تحقق أحد الشروط التالية:
- جيل الطفل أقل من 15 شهر.
- ارتفاع درجة حرارة الطفل لمرات عديدة.
- تاريخ عائلي للتشنجات الحرارية.
- مرور القليل من الوقت بين ارتفاع درجة الحرارة وبين التشنجات الحرارية.
في حال حدوث التشنجات الحرارية في البيت، على الأهل الحفاظ على الطفل من تلقي الرضخ والاصابات. لذا من المهم وضع الطفل على الفراش، عدم محاولة امساكه، عدم محاولة فتح الفم والانتظار حتى انتهاء التشنجات. من المهم التوجه للطبيب عند استمرار التشنجات لمدة تزيد عن خمسة دقائق.
في معظم الحالات لا حاجة لتناول علاج وقائي، للوقاية من التشنجات الحرارية المتنكسة. ذلك لأن خطورة التشنجات الحرارية تقل عن خطورة تناول الأدوية والأعراض الجانبية التي قد تسببها. كما أن تناول الأدوية للوقاية من التشنجات الحرارية، وخاصةً لطفل لا يشكو مكن الحرارة المرتفعة، لا يقلل من احتمال الاصابة بالتشنجات الحرارية مرة أخرى.
توقعات سير التشنجات الحرارية عند الاصابة بالتشنج الحراري البسيط، ممتازة جداً. لا تصاب الوظائف العقلية للدماغ بعد الاصابة بالتشنج الحراري. كما أن نمو الطفل يبقى دون اصابة ولا تظهر علامت تدل على خلل في نمو الطفل بعد اصابته بالتشنجات الحرارية في المستقبل.
احتمال الاصابة بالصرع (Epilepsy) هو أمر نادر، ولا يزداد مقارنة بالأطفال الغير مصابين بالتشنجات الحرارية. العوامل التي تزيد احتمال الاصابة بالصرع هي:
- علامات تدل على خلل في الجهاز العصبي خلال الفحص الجسدي.
- تاريخ عائلي للصرع.
- التشنجات الحرارية المعقدة.
يزداد الاحتمال لاصابة الطفل بالصرع كلما ازدادت العوامل المذكورة أعلاه.